المؤتمر العالمي للشعب الأبخازي - الأباظة

20 أبريل، 2024
01:13
كاريمان إبجنوو
ملكة جمال العالم
أنا شركسية، من الأباظة
الشاعر كارنيك غارميّان لقبّها بـ "وردة البلاد، جمال العالم"، ومؤسس الدولة التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، أمر الجميع بالنظر لها كملكة، وأضاف إلى اسمها لقب ادجي (ترجمة من التركية "الملكة"). و الجميلة التي مثلت تركيا في مسابقة الجمال الدولية أصبحت أول فائزة بلقب "ملكة جمال العالم". عرفت كاريمان خالص إديجي دائما ولم يخفي حقيقة أن أسلافها من أبخازيا، والاسم الحقيقي لعائلتها هو إبجنوو.
الأصل من أبخازيا
ولدت الجميلة كاريمان في 16 من شهر شباط عام 1913 في عائلة كبيرة للتاجر الثري توفيق خليص باي. كان اسم والدتها فيرخوندا-خانوم، وكان في الأسرة ستة أطفال. كل من والد و والدة كاريمان من نسل المهاجرين، الذين هجروا بعد نهاية الحرب القوقازية في عام 1864 من أراضيهم الأصلية التي هي في الموقع الحديث مدينة أدلر (اليوم هذه الأراضي هي جزء من مدينة سوتشي في روسيا).

العائلة كانت مهتمة جدا بالموسيقى، وعلاوة على ذلك، كان العديد من أعضائها من الموسيقيين المحترفين، فقد عزف على العديد من الأدوات جد كاريمان خورشيد- باشا، رجل دولة بارز في بلاط السلطان. والعمة نيفيسر كيكديش كانت عازفة بيانو. أما العم مخلص ساباختّين فقد كان ملحنا، من الواضح أن حب الموسيقى كان متوارث في العائلة كاريمان، ومثل العديد من أفراد عائلتها، أيضا اتخذت الموسيقى مهنة لها، بعد أن أتقنت العزف على البيانو.

تحدث لماخينور باببا (الناشر المعروف، وممثل الجالية الأبخازية في تركيا)، أن عائلة والد كاريمان كانت إبجنوو، وعائلة والدتها هي تشيزيموك، وتنطق كذلك بشزموق، و أصل هذه الأسماء تعود لعائلات الأوبيخ، إلا أن أبناء هذه العائلات باتوا يعتبرون أنفسهم من الأباظة.
كاريمان نفسها، كما كان من المفترض في تركيا لجميع الفتيات غير المتزوجات، لم تضاف أسماء العائلة على أسمائهن، فقط يحملن اسم الوالد-كاريمان خالص، ظهر اسم عائلة إدجيي بعد ذلك بفترة طويلة، حيث سميت لأول مرة من قبل أتاتورك في عام 1932 بعد أن عادت إلى تركيا مع لقب ملكة جمال العالم. وبعد سنتين، عندما أعتمد القانون المتعلق بتغيير إسم العائلة، بأمر من مصطفى كمال، أصبح لقبها المخفي الاسم الرسمي لعائلة للجميلة.
كاريمان إبجنوو © foto-history.livejournal.com
كاريمان إبجنوو © foto-history.livejournal.com
كاريمان إبجنوو © foto-history.livejournal.com
مرحلة الشباب للجميلة
في سنوات الـ 20-30 من القرن العشرين كانت وقت تشكيل الجمهورية التركية الفتيّة، وكل ما يضفي الطابع الأوروبي على البلد كان مرحبا به، مصطفى كمال أتاتورك، الذي حلم بجعل تركيا دولة علمانية، راعى تماما كل المحاولات لتنظيم مسابقات الجمال في البلاد، حيث أجريت أول عرض رسمي للجميلات بعد ست سنوات من وصول أتاتورك إلى السلطة، في عام 1929. "الفتيات التركيات يتنافسن مع نساء أوروبا"، كما كُتب بحماس في الصحف الأجنبية حينها.


كاريمان إبجنوو
© foto-history.livejournal.com
كانت كاريمان منذ الطفولة متميزة بالرشاقة، ذات تربية جيدة، وتمكنت من التمسك بكرامتها الكبيرة، كما تحدثت وبطلاقة باللغتين التركية والفرنسية، وليس من المستغرب أن يكون والدها قد تلقى مرارا مقترحات كي تشارك الفتاة الصغيرة في مسابقات الجمال، غير أنه لم يبد موافقته لفترة طويلة. وفي وقت لاحق، أحد منظمي مثل هذه المسابقات عابدين دافير صديق والد كاريمان في المدرسة، تذكر أنه عندما رأى الشابة الجميلة في حفلة راقصة في مدينة غالاتاساراي، حاول إقناع خالص باي للسماح لها بالمشاركة في المسابقة، لكن كاريمان في ذلك الوقت كانت في السابعة عشر من عمرها وما تزال في المدرسة، لذلك أجاب والدها بالرفض.

ومع ذلك، بعد مرور عامان، و في 3 تموز عام 1932 كانت فد أصبحت في ذلك الوقت في التسعة عشر عاما، كاريمان خالص شاركت في مسابقة الجمال الوطنية التي أقيمت تحت رعاية صحيفة "دجومخوريّست" وأصبحت الأولى من بين عشرات المتنافسين للفوز بلقب ملكة جمال تركيا.
الأولى من اليمين كاريمان إبجنوو
© foto-history.livejournal.com
لقب الملكة
وبعد أقل من شهر، ذهبت كاريمان إلى مسابقة الجمال الدولية، التي عقدت في المدينة البلجيكية الصغيرة سبا. ووصف الصحفي التركي فالا نوريتّين جمال كاريمان بهذه الكلمات: "لقد كانت الوحيدة التي أسرت الجميع بجمالها، كانت كاريمان خالص، بصراحةً، بمقارنتها مع ملكة جمال العام الماضي، تتفوق في كل شيء. ظاهريا كانت جذابة جداً، ونحيلة جدا، ذات جلد رقيق، ووجه بالغ الجمال، شعرها الأسود الجميل، المفترق في الوسط، كان مسرحاً نحو ظهرها... كانت تشبه الإلاهة دياناـ لقد حافظت على هدوءها الكامل، ومتزنة، لقد كانت الجميلة "الشامخة".
وفي بلجيكا، لم تفوت كاريمان الفرصة لإثبات أنها تمثل جمهورية تركيا. لذا، رفضت الخروج إلى الشرفة، حيث كل الجميلات خرجن للتحية، حتى وضع العلم التركي عليه. العلم لم يكن هناك، لكنها لم تتردد في خياطته بنفسها، حيث قدم موظفو الفندق لكريمان قطعة كبيرة من القماش الأحمر، وقص والدها هلالاً كبيرا ونجم، وخاطه على القماش.
وفي نهائي مسابقة الجمال البلجيكية، اختيرت كملكة جمال بين المشاركتين-ممثلة ألمانيا وممثلة تركيا. قالت كريمان في إحدى مقابلاتها أنها كانت ترتدي فستان حريري أحمر وقلادة بيضاء حول عنقها الزي لم يفجر سواد عينيها وشعرها فحسب بل صمم بألوان وطنية. الأمر الذي كان مهماً بالنسبة للجميلة. "عندما قال رئيس هيئة المحلفين اسمي، غبت عن الوعي تقريبا، وبدأ الجمهور بالتصفيق والهتاف:" برافو، ملكة جمال تركيا!"، كما تذكرت إدجي
و نوّه رئيس هيئة المحلفين، الذي أعلن اسم كاريمان، في ملاحظة: "نحن نختار جميلة تركيا "كملكة الجمال". ولكن، نرفع كؤوسنا لنصر أوروبا!"،-بعد أن وضعت في الاعتبار أن، المظهر الأوروبي قدم نفسه بالجمال الشرقي. ولا يمكن أن تكون هناك هدية أفضل لآتاتورك – فما كان يسعى لبلده لسنوات عديدة قد حدث أمام عينيه.
عودة كاريمان إلى اسطنبول كانت انتصارا، تم الترحيب بها كبطلة وطنية في محطة إسطنبول من قبل حشد من المعجبين الذي كان بإنتظارها، فكما كتبت كاريمان خالص في مذكراتها: "عندما خرجت من المقطورة، كان الضباط الأتراك يمهدون طريقي حتى أتمكن من العبور بين حشد من الناس. الذين صرخوا، ولوحوا بالزهور ورحبوا بي بحرارة".
البطلة الوطنية لتركيا أو الشركسية الجميلة
عودة ملكة جمال العالم كاريمان تلقى أعلى درجات الشرف، فعلى شرفها عقد مهرجان عظيم في حديقة تكسيم. قدم الحفل الكاتب الشهير بيامي صفا. في الحفل الراقص على شرف كاريمان أتاتورك نفسه كان حاضراً و الذي رقص مع الجميلة الرقصة الأولى.
كاريمان إبجنوو
© yenisoz.com.tr
"أنا لن أنسى هذا اليوم،" كريمان تذكر في مقابلة مع الدموع في عينيها بعد سنوات. - ذهبنا إلى القاعة، أتاتورك وجميع الباشاوات نهضوا من مقاعدهم. فقبلت يده، وقبلني على جبهتي وقال: "دعوتك إدجي (الملكة)، هل أنت سعيدة؟". - قلت، "سيدي، أعطيتني العالم. شكرا لك!".
ومع ذلك، فتمجيدا لتركيا وكونها تجسيدا لجمال النساء التركيات، لم تنسى كريمان أبدا جذورها كما أكدت عليها دائما. فكما يقال، عندما صَححت للصحفي الذي دعاها بجمالها التركي، قائلة أنها شركسية، أباظة. بل إنه في بعض الأحيان، هذا أثار استياء السلطات التركية، كما هو الحال في رحلة إلى القاهرة، حيث التقت كاريمان بممثلين عن "اتحاد الشركس الأخوي". الصورة من الاجتماع وصلت إلى الصحافة. وقالت المقالة، التي نشرت في الصحيفة المصرية "دجيديدا"، " إن الفتاة الشركسية انتخبت أجمل فتاة في العالم". ولم يكن هذا النهج يناسب السلطات التركية: فقد كان ينبغي أن تكون كاريمان مثالا لـ "الجمال التركي" ، ولم يكن ينبغي ذكر أصلها الشركسي.
قصاصة صحيفة مع صورة كِيرمان إبجنوو © medyafaresi.com
عدد من الصحيفة ''كيمهيريت'' مع صورة كاريمان على الصفحة الأولى © foto-history.livejournal.com
قصاصة صحيفة مع صورة كِيرمان إبجنوو © foto-history.livejournal.com
قصاصة صحيفة مع صورة كِيرمان إبجنوو © yenisoz.com.tr
قصاصة صحيفة مع صورة كِيرمان إبجنوو © yenisoz.com.tr
قصاصة صحيفة مع صورة كِيرمان إبجنوو © gecmisgazete.com
بعد الفوز كاريمان باللقب بدأت تعيش بإنغلاق، ولم ترغب في التواصل مع الصحفيين، لأن المعلومات عنها بعد المنافسة لم تكن كثيرة، ومن المعروف أن الجميلة تزوجت مرتين، زوجها الأول كان الطبيب أورخان سانوس، و كان لديهم طفلان-الإبن سيزاي بيلتين سانوس والابنة إدجي سانوس. الزوج الثاني كان حسيب تامير، والتي أنجبت منه إبنها دجينك تامير، وفي منزل الإبن الأصغر لكريمان عاشت سنواتها الأخيرة من حياتها.
أصبحت جدة لـ 13 حفيدأ، كيرمان بقت جذابة حتى في سن الشيخوخة، وتعتبر واحدة من أجمل النساء في تركيا. توفيت في كانون الثاني عام 2012، بعد أن عاشت تقريباً مئة عام إلا قليل.
ولم تهمل السلطات التركية رحيل أول ملكة جمال سابقة، حيث قال الرئيس التركي عبد الله غول في مناسبة وفاة " ملكة الجمال".. "نحن دائما سنتذكر مع الخشوع كريمان خالص ادجي تامير, التي نجحت في تمثيل بلدنا في الخارج والتي حصلت على لقب إدجي من قبل أول رئيس لجمهورية تركيا أتاتورك".

ودفنت كيرمان في مدينة اسطنبول التي ولدت وترعرعت فيها، المدينة التي أصبحت فيها أول ملكة جمال في تركيا والتي عادت إليها بلقب أجمل فتاة في العالم.
كاريمان إبجنوو
© foto-history.livejournal.com

© مؤلف النص - أريفا كاببا، مساعد محرر- نالا أفيدزبا، المحرر- أمينا لازبا
وفي إعداد هذه المقالة عن كاريمان إبجنوو، استخدمت مواد من الأرشيف الشخصي لماخينور باببا.