استمراراً للموضوع المتعلق بطرق دراسة اللغة الأبخازية، تبين بوابة المعلومات التابعة للمؤتمر العالمي للشعب الأبخازي -الأباظة أين وكيف يمكن أن تتعلم لغتك القومية خارج أبخازيا في الوقت الحاضر.

سعيد برغانجيا

في المقال الذي نشر مؤخرا، تحدثت بوابة المعلومات التابعة للمؤتمر العالمي للشعب الأبخازي –الأباظة عن كيفية تعلم اللغة القومية للمقيمين في أبخازيا. وبالنسبة للمواطنين الذين يعيشون خارج الوطن التاريخي، فإن تعلم اللغة ليس أقل أهمية. فبالنسبة للآلاف من ممثلي الجالية الأبخازية في جميع أنحاء العالم، تتمثل معرفة اللغة في الحفاظ على جذورهم، والتعرف على التقاليد الوطنية، والارتباط بأرضهم الأصلية. وسنحاول أن نعرف كيف تُدّرس اللغة الأبخازية ويتم تعلمها حول العالم اليوم.

اللغة الأبخازية في تركيا 

وزارة العائدين في جمهورية أبخازيا أظهرت اهتماما خاصا بتعليم اللغة الأبخازية، وتنظيم الدورات للعائدين ليس فقط في أبخازيا ولكن أيضا للمواطنين خارج الجمهورية.

في إطار هذا البرنامج، كانت تُدّرس اللغة الأبخازية لعدة سنوات في المنطقة التركية ساكاريا وفي القرى حيث هناك تجمعات ممثلي الجالية الأبخازية. وتقام دورات اللغة كجزء من التعاون بين وزارة العائدين في جمهورية أبخازيا واتحاد المراكز الثقافية الأبخازية في تركيا، ولمدة عامين تقوم بالتدّريس هناك المُعلمة والمترجمة إليس أرغون.

وقد تحدثت العملة حول ذلك قائلة: "لدي أكثر من 80 شخصاً يحضرون من ثلاث قرى بالقرب من ساكاريا ومن ساكاريا نفسها ليدرسوا اللغة الأبخازية، معظمهم أطفال وتقام الدروس مرةً في الأسبوع، وهذا بالطبع قليل جدا لتحقيق النتيجة المرجوة. ولكن لاتزال هناك بعض النتائج، فهناك أشخاص قد تعلموا الكتابة و القراءة، أما التحدث بها فهو أصعب ولكنهم يحاولون بشكل جدّي"

أما بالنسبة للكتب التي تُدّرسها إليس أرغون مع طلابها، فقد تم شراءها مباشرةً من أبخازيا: وهي كتب مدرسية للمؤلفين ديانا شامبا وألدونا أجيبا.

وتتابع المعلمة: "بالطبع، نحن نقوم بجمع المعلومات لتعلم اللغة بأنفسنا. وفي الدورات نتحدث أيضاً عن تاريخ أبخازيا: ولكن لا توجد لدينا سوى معلومات قليلة عنها باللغة التركية".

كما تشاطرنا المعلمة، بأن المعلومات القيمة التي تُدرسها قد استخلصتها من بوابة المعلومات التابعة للمؤتمر.

وعن هذا تتحدث أرغون أنه: "على صفحات بوابة المعلومات التابعة للمؤتمر العالمي للشعب الأبخازي –الأباظة، تظهر المواد بعدة لغات، بما فيها اللغة التركية. وهذه بالتأكيد مساعدة عظيمة لنا".

وتوجد أيضاً دورات اللغة الأبخازية في اسطنبول و مدينة اينيغيل تحت اشراف المدرسان دالي ساندزا و آريا كاببا. الدورات مجانية تماما، ويمكن لأي شخص التسجيل فيها.

 يتم تدريس اللغة الأبخازية في واحدة من احدى الجامعات الرائدة في تركيا – في جامعة البوسفور. ثماني سنوات متتالية من المحاضرات في تعليم اللغة يتم تدريسها من قبل المواطنة الأبخازية غوندا انكواب. ويمكن لجميع طلاب هذه الجامعة حضور هذه المحاضرات بغض النظر عن مراحل سنين دراستهم او تخصصهم الجامعي.

اللغة الأبخازية في لندن

حتى في عاصمة المملكة المتحدة يتم تدريس اللغة الأبخازية بنجاح: دروس لغوية أسبوعية نظمت للمشاركين في ديرنيكا في لندن (المركز الثقافي الأبخازي- الأبازيني). وتقوم بتدريس اللغة القومية المواطنة الأبخازية لانا باساريا، التي ذهبت إلى لندن للدراسة. وفي مقابلة مع بوابة المعلومات التابعة للمؤتمر العالمي للشعب الابخازي – الأباظة، قالت أنها تنظم دروسا مرة في الأسبوع- لمدة ساعتين. وتدرك المعلمة أن هذه المدة ليست كافية لتعلم اللغة بتعمق، ولكن لا توجد إمكانية أخرى: فهي مضطرة إلى الجمع بين تدريس الأبخازية ودراساتها الخاصة في الجامعة

أعمار التلاميذ في مجموعة لندن الأبخازية مختلفة: والتي تترواح من 30 إلى 65 سنة. ومع مستويات مختلفة بمعرفة اللغة: فهناك من يبدأ بالأساسيات، و آخر يتمكن بشكل بسيط التكلم بها. ويحضر الصفوف بشكل منتظم نحو 20 شخصاً.

وبحسب ما أشار أحد مستمعي دورات لندن، أتاكان تشكوتوا، اللغة الأبخازية بالنسبة للذين يعيشون خارج بيئتها "بكل تأكيد، صعبة، ولكن من الممكن دراستها". ثم يوضح أنه بشكل عام، عند دراسة اللغة الأبخازية "هناك عدد قليل جدا من المواقع الإلكترونية والكتب المدرسية المتاحة مع العرض المناسب للمواد".

المدرسة الأولى عن طريق الإنترنت

ولجميع الراغبين، يمكن الآن تعلم اللغة الأبخازية من أي مكان في العالم حيث هناك سرعة إنترنت عالية. ففي الخريف الماضي، بدأت المدرسة الأولى عن طريق الإنترنت عملها في تدريس اللغة الأبخازية "آلاشارباغا". مؤسس هذا المشروع، هو رجل أعمال شاب يدعى إينال غابليا، يعيش في موسكو. وكما يذكر بأن فكرة إنشاء المدرسة عن طريق الإنترنت ظهرت في شهر آذار من عام 2018.

"أعلنت على الملأ أنني بدأت العمل على هذا المشروع، في محاضرة اللغوي الشهير و زميلي ديمتري بيتروف. والذي كان أول شخص طلبت منه أن يصبح طالبا في مدرستنا، وكان مهتما جدا. وبعد هذا الاجتماع، بدأت في اختيار المعلمين، والبحث عن الأدباء، وتصميم الكتب المدرسية وإختيار المجموعة الأولى. وبالإضافة إلى ذلك، كان من الضروري اختيار منصة على الإنترنت، وإيجاد مكتب أو استوديو، وحل مسألة الاتصال بالإنترنت. وهكذا بعد ستة أشهر تمكنت من افتتاح المدرسة".

الآن يشارك في "آلاشارباغا" أكثر من 20 شخصا من أربعة بلدان: أبخازيا، روسيا، ألمانيا والمملكة المتحدة. ووفقا لإينال غابليا، هذه المبادرة أثارت اهتماما كبيرا، ويجري بالفعل تشكيل "قائمة انتظار" للمجموعات التالية. وتشمل هذه القائمة أولئك الذين يريدون دراسة اللغة الأبخازية من تركيا وهولندا وسوريا وحتى من كندا.

ويضيف غابليا: "إننا نعمل وفقا للمنهجية التي وضعتها اللجنة الحكومية لجمهورية أبخازيا بشأن السياسة اللغوية. وتقام الفصول الدراسية على منصة المؤتمرات بالفيديو، التي تسمح برؤية والاستماع للمعلم ومجموعة الطلاب خلال بثٍ مباشر، بالإضافة الى طرح الأسئلة".

وبعد كل درس، يتلقى الطلاب الواجبات المدرسية، تسجيل فيديو للدروس، وملخصات للمواد. والطلاب بالطبع يتواجدون أيضا في برنامج الدردشة التابع للمجموعة، حيث تتواجد المواد المفيدة للدروس. كما هناك أيضاً المدرستين، عزة شامبا وأمينا كفيتسينيا، ذاتي الخبرة التعليمية القيمة في تركيا للجالية الأبخازية.

ويشير غابليا، الى أنه في إطار الدورة الأساسية المؤلفة من 18 درس يتعلم الطلاب فيها الأبجدية و ممارسة طريقة نطق أصوات محددة، بالإضافة الى احتراف القواعد الأساسية في النحو والصرف والصوتيات. وتستغرق الدورة أكثر من شهرين بقليل، حيث تقام الدروس مرتين في الأسبوع.

ويقول إينال غابليا: "نحن الآن نبدأ دورة متقدمة لأولئك الذين تجاوزوا المستوى الأول في الإمتحان النهائي، ونعمل على تطوير كتبهم المدرسية الخاصة للدورة الجديدة. وسنقوم أيضا بإنشاء تطبيق للهواتف الخليوية».

تجدر الإشارة الى أنه يمكن لأي شخص التسجيل في الدورات عن طريق الإنترنت. وللقيام بذلك، تجد الصفحة الرسمية للمدرسة على شبكات التواصل الاجتماعي (Алашарбага) والاتصال بإدارة المدرسة أيضاً.

نهج حديث متعدد الأوجه

لأكثر من عامين تعمل Capital School Center في موسكو — وهي مركز تعليمي، تقدم برامج لتعليم اللغات الأجنبية بتكنولوجيا4D. مؤلفة الطرائق المنهجية، و مؤسسة المدرسة ومديرتها إيرينا تسوشبا. تقول إن من بين اللغات التي يمكن تعلمها في المدرسة، طبعاً، هناك اللغة أبخازية (لأنها اللغة القومية لإرينا): والتي تُدّرس منذ بداية تأسيس المركز.

وتشير تسوشبا، الى أن أُسس الدروس الأبخازية، بالإضافة الى اللغات الأخرى، تستند على "طريقة فريدة من نوعها التي تجمع بين أربع طرق لتلقي المعلومات: السمعية والبصرية والحسية وعبر التسجيلات المصورة" (طريقة استخدام الشاشة الذكية، حيث يتفاعل الطلبة مع المجسمات). وبالتالي الطلاب ليس فقط على تواصل مع المعلم و يستمعون إلى الحوارات والأغاني ويشاهدون الأفلام، ولكن أيضا يتعاملون مع أشياء كثيرة، وهو أمر مهم في تعلم اللغة لقدرات الذاكرة التصويرية.

وتوضح تسوشبا أن "كلها مجتمعة تضمن المشاركة الكاملة في تعلم اللغة الأبخازية".

ومن الممكن دراسة اللغة الأبخازية باستخدام هذه الطريقة في مجموعات وفرادى على حد سواء. وبالإضافة إلى ذلك، تقول المديرة أن المدرسة بدأت منذ عام تقريباً في تعليم اللغة الأبخازية مجاناً. وبما أن هناك الكثير من الراغبين، فقد تم إعداد مجموعات مجانية للكبار والأطفال.

وتستمر تسوشبا قائلة: "نحن فخورون جدا بأننا تمكنا من تهيئة الظروف لدراسة اللغة القومية، حتى للذين يواجهون صعوبة مادية في الدراسة الغير مجانية. والشريك الرئيسي الإعلامي في الترويج للغة الأبخازية في موسكو هو الجالية الأبخازية في موسكو”.

وتقدم المدرسة أيضا تدريس اللغة الأبخازية لمن لا يعيشون في موسكو. ولهذا الغرض، هناك دروس فردية على الإنترنت عن طريق –برنامج سكايب.

وبشكل عام إيرينا تسوشبا سعيدة بالنتائج.

و تضيف تسوشبا أيضاً: "لدينا العديد من الأمثلة عن الطلاب الذين بدأوا دراسة اللغة الأبخازية من الصفر، وخلال الدورة الأولى أي خلال أربعة أشهر حققوا نتائج جيدة. ويلاحظون ذلك بأنفسهم ومن أقاربهم وأصدقائهم وآبائهم إذا كانوا أطفالا. كما نعتزم مواصلة العمل على تطوير أساليب تدريس اللغة الأبخازية».

وعلى الرغم من أن اللغة الأبخازية ليست سهلة – فهي و في الوقت نفسه، فريدة، والأهم من ذلك، هي لغة قومية ومقربة من الأبخاز في جميع أنحاء العالم. وفي عصر التكنولوجيا العالية، ومع الفرص الحديثة لتعلم لغة، يمكنك تعلمها. تحتاج فقط إلى تحديد مثل هذا الهدف، والمثابرة، واختيار الخيار الأنسب – من الأساليب التقليدية وصولاً إلى البرامج 4D ومن الفصول الدراسية إلى الندوات أو الدروس الفردية عبر برنامج سكايب –والبدء بالدراسة. وحظا سعيداً!