في 14 يونيو، تم تكريم الصحفي لجمهورية أبخازيا، الحائز على وسام "الشرف والمجد" من الدرجة الثالثة، رئيس اتحاد الصحفيين في أبخازيا، مدير القناة التلفزيونية «أباظة - تي في" - رسلان خاشيغ. بوابه المعلومات التابعه للمؤتمر العالمي للشعب الابخازي-الاباظه، أعدت مقابلة معه بمناسبه ذكرى ميلاده الستين.

 أجرى المقابلة آريفا كاببا

 سيد رسلان، أخبرنا قليلاً عن مسقط راسك وعن طفولتك 

- أنا من قرية خواب الأبخازية. عائلتنا كبيره، ونحن في الاسرة سته اخوه واخوات، وانا كنت بالترتيب الطفل الخامس في الاسره. فقبل الدخول الى المدرسه كان لدينا مجلس تشاوري في الاسره، حيث انضم عمي نيكولاي 
 تشيفوفيتش (الكاتب الأبخازي نيكولاي خاشيغ)، لقد أصر بشدة على أن أذهب للدراسة في مدرسة غانتيادي الداخلية (الآن محيط قرية تساندريبش - المحرر). لم يوافق الوالدان لفترة طويلة، لكن العم كان قادرًا على إقناعهم بقوله: "هل من المعقول أنني لست حرًا في تحديد مستقبل واحد على الأقل من الأطفال الستة؟"

أسلافي في فترة الأحداث المأساوية في القرن التاسع عشر (الإخلاء القسري الجماعي للأبخاز من إقليم أبخازيا - المحرر.) تم نقلهم من بسخو (وهي قرية في اعالي الجبال - المحرر.) إلى ليدآ، ثم أوتخارا (غارب)، وأخيراً، إلى خواب في منطقة دبارا رخو، حيث نعيش الآن، حيث استقر جدنا الأكبر. هناك بيتنا مسقط راسنا، الذي يجتمع فيه الجيل الخامس من العائلة. لقد حافظ اجدادي، ابي وعمي على ارتباط وطيد بالمنزل. الآن أخي الأصغر أصلان يتابع التقاليد العائلية لمنزلنا الكبير، فهو حارس الموقد.

على سبيل المثال، عمي عاش هنا في مدينة سوخوم، ولكن عندما يقول اود "العودة إلى المنزل"، كان يقصد بالعبارة قرية خواب. ولدينا نفس الموقف من ذلك.

في كل صيف، كنا أنا وعمي نقصد الجبال للاستراحة. في هذه الاماكن وعلى مروج الجبال العالية، كتب عمي العديد من أعماله، وكان بشكل دوري يجعلني اقرا كتاباته، ثم طلبه بوصف الظواهر المختلفة في الجبال. ربما تلك الايام، كانت بداية مسيرتي في الاعلام. اذ وانا على مقعد الدراسة في المدرسة، كتبت الى مجلة الأطفال "امتسابز" وفي صحيفة "ابسني". الشيء الأكثر تأثيراً هو أن موظفي دور النشر تلك، والذين بعد ذلك قابلتهم وتعرفت عليهم، كانوا يجاوبون على رسائلي، وكان الشيء الأكثر بهجة هو رؤية كتاباتي منشورة في مجلة امتسابز. ولا يمكنني وصف شعور الفرحة لدي عند استلامي المبلغ الأول لمنشوراتي.

الى أين ذهبت للدراسة بعد إكمال التعليم المدرسي؟ 

 
- كان من الصعب للغاية اتخاذ قرار بشأن اختيار المهنة، واثر في ذلك منحى الموضوعات الإنسانية والتقنية. ولسبب ما قررت الذهاب إلى قسم التاريخ، كانت هناك منافسة رهيبة في معهد سوخوم الحكومي التربوي -تقدم للمنافسة 15 شخصًا -ولم انجح.

نتيجة لذلك، في عام 1977 سجلت بكلية الاداب وكان الامرأيضًا لا يخلو من عقبات، فقد كدت ان أصبح ضحية بسبب العلاقات الشخصية للاساتذة الممتحنين، وقد ساعدني في ذلك الكاتب بوريس الماسخانوفيتش غورغوليا، الذي كان يعيش مع عمي في نفس الطابق. عندما رآني واقفا احمل اضبارتي في شارع ميرا بالقرب من مبنى المعهد، أدرك على الفور أن هناك مشكلة، فأعادني إلى مبنى المعهد، حتى انه تدخل رئيس الجامعة زوراب فيانوروفيتش أنتشابادزه، وتمت استعادة العدالة -لقد حصلت على علامة تامة بدلاً من الوسط التي منحوني اياها سابقا. الشيء الأكثر إثارة للاهتمام هو أن المعلم، الذي انا على خلاف معه اثناء التقديم، اجتزت عنده الاختبار في وقت لاحق ولأربع مرات متتالية، وفي كل مرة كنت احصل على درجة ممتازة.

خلال دراستي، واصلت العمل مع الصحف. قرر شامل خوسينوفيتش بيليا، المدير العام في التلفزيون الأبخازي، الذي اطلع على منشوراتي، اعتقد أنه سيسرني قراره لنقلي إلى قسم الصحافة في تبليسي. كل هذا كان مرتبطًا بالتلفزيون الوطني الذي افتتح للتو، مع الحاجة إلى توظيف موظفين شباب جدد. ثم وفي أحد الأيام، دعيت انا وزوراب أرغون وهاري دبار (الصحفيان المعروفان في أبخازيا -المحرر.) إلى مكتب نائب رئيس المعهد وفي أجواء رسمية قرأ قرارا، يتضمن تسجيلنا في كلية الصحافة بجامعة تبيليسي الحكومية. قلت على الفور أنني لن أذهب إلى أي مكان، على الرغم من أنه تم بالفعل توقيع أمر النقل الخاص بي إلى تبليسي. تحدثوا معي لفترة طويلة في مكاتب الحزب وفي لجنة المدينة للحزب. رفضي كان ينظر إليه على أنه تحد.

- ولماذا رفضت؟

- لم أكن على استعداد لهذا. كوني مازلت في السنة الدراسية الثانية فقط، وقلت انني سجلت هنا واحتاج لعدة سنوات لاكمال تعليمي، وعندها سنرى. وكاني شعرت مالذي سيحصل.

- هل شعرت بالفعل التوتر؟

- حسنا، في عام 1979، كان كل هذا التوتر موجود بالفعل، وشعرت به بشكل كاف. كوني كنت طالبا وأعيش في شقة عمي، قرأت كل هذه الرسائل. على سبيل المثال، قرأت "رسالة 130" الأبخازية الشهيرة (رسالة من المثقفين الأبخاز إلى قيادة الاتحاد السوفيتي حول الوضع الصعب في البلاد والحاجة إلى انسحاب أبخازيا من جورجيا - المحرر.) حتى انني قرات احداث قبل إرسالها إلى موسكو – في الوقت الذي عندما قراها وتداولها كلا من بوريس الماسخانوفيتش وعمي. كطالب، شاركت بنشاط في احتجاجات الطلاب عام 1978.

بشكل عام، لم أذهب إلى تبليسي، لكن بعد عام أتيحت لي الفرصة للانتقال إلى قسم الصحافة بجامعة موسكو الحكومية. بالطبع، كان بالمقابل عدد قليل من المنافسين الذين أرادوا أيضًا الانتقال إلى هناك، لكن الشرط كان أن يتحلى مقدم الطلب بالمهارات اللازمة للتعاون مع وسائل الإعلام والصحف. بحلول ذلك الوقت كان لدي بالفعل الكثير من المنشورات. اتضح أن النزاعات خلف الكواليس قد تطورت حول هذا. لم أكن أعرف شيئًا -كنت في دورة الألعاب الأولمبية في موسكو، وكطالب مجتهد، تلقيت دعوة الانضمام الى مجموعة السياح الأبخاز. أتذكر أنني شعرت بالرضا لأنني رأيت موسكو والألعاب الأولمبية -وبعدها ذهبت للراحة في الجبال، اما في سوخوم، فقد اتضح أنه تم تحديد مسألة نقلي. ثم أرسلوا مبعوثا، وفي غضون أيام قليلة سافرت إلى تبليسي، وجمعت الوثائق اللازمة في وزارة التعليم الثانوي والعالي في جورجيا.

مع هذه الحزمة من الوثائق، كان يتعيّن عليّ السفر إلى موسكو، لكن مع ذلك كانت تنتظرني العقبات، إذ لم تتمكن الرحلات الرسمية من الإقلاع بسبب نقص الوقود، لمدة ثلاثة أيام في مطار سوخوم، وكان المطار مليئًا بالناس، وأنا من بينهم -وبدون تذكرة، مع حزمة المستندات التي يجب تسليمها بشكل عاجل إلى موسكو. أتذكر كيف عرضت هذه الحزمة على مدير المطار روديون تاركيل، وأخبرته عن مشكلتي. كنت شابًا خجولًا ولا أدري من أين أتت هذه الشجاعة، لكني أخبرته بذلك وقلت: "إذا لم ترسلني إلى موسكو، فسوف أمزق هذا الظرف هنا، سأتوجه إلى خواب ولن أصبح طالبًا، فهذا يعتمد عليك" اما ان أصبح طالبًا في جامعة موسكو الحكومية او لا ". تفهم مدير المطار الامر ودعا الطيار خاريتون غفيندجيا، قائد طاقم الرحلة إلى موسكو، وأخبره: "عليك أن تأخذ هذا الصبي إلى موسكو، هذا يتوقف عليك وعلى ما إذا كان سيصبح طالبًا في جامعة موسكو أم لا"، وقد أقعلت على متن هذه الرحلة واقفا في قمرة قيادة الطائرة من طراز تو – 134.

- روسلان مكانوفيتش، ماذا قدمت لكم سنوات الدراسة في موسكو؟
 

موسكو –كانت قبل كل شيء، هي يوم الأربعاء. لقد كنا 270 طالباً في الفصل. كانت مجموعتي متخصصة في العمل مع وكالة الأخبار، وكان مسؤول الطلبة من إحدى أكبر وأهم وكالات الأنباء السوفيتية "تاس". وبالإضافة إلى العملية التعليمية بأكملها، كان لدينا يوم إبداعي من كل أسبوع، وكان يقام في وحدات مكاتب تحرير وكالة "تاس".

في العطلة الصيفية لم يُسمح لأيٍ منا بالإنصراف. لقد عُرِض علينا خريطة للاتحاد السوفيتي وعُرِض علينا اختيار أي منطقة للتدريب. يمكننا الذهاب إلى أي مكان نريده، لكن ليس إلى الوطن. ما زلت أتذكر أول تدريب لي بسرور، والذي كان في صحيفة "بريانسكي كومسوموليتس"، وهناك حيث عمل فاضل اسكندر في إحدى الأزمنة.

وفي بريانسك، تمكنت من استعادة اسم أحد مواطنينا من عائلة غيتسبا، الذي كان سابقاً يعتبر مفقوداً على جبهات الحرب الوطنية العظمى. كان من قرية بزيب. اتضح أنه كان في غابات بريانسك في حركة حرب العصابات، ومات هناك. لقد تم البحثُ عنه لفترة طويلة جدا في السبعينيات، ولم يتمكنوا من العثور عليه. وأنا كنت مهتماً بهذا الموضوع. فأثناء وجودي في موسكو، ذهبت إلى مدينة بودولسك، وبحثت في سجلات الأرشيف العسكرية عن أخوالي، إخوة والدتي الثلاثة. أحدهم كان قد ذهب إلى الحرب الفنلندية، والآخر إلى الحرب الوطنية العظمى، ولم يعد أحد منهم، ولهذا كنت أبحث عن آثارهم. وأيضاً لأن هذا الموضوع كان يخصني.

ثم في سبتمبر عام 1983 نشر مقالي الكبير في صحيفة "أبسني" - مقال البحث عن غيتسبا، عرضته في الكلية للمناقشة العملية. وأثار اهتماما كبيرا، وحتى قد نشر في صحيفة "سوفيتسكي باتريوت"، كما قُدمت لي هدية تذكارية — سفينة شراعية مع توقيع الإهداء.

أول مكان عمل بعد جامعة موسكو الحكومية كان في صحيفة "أبسني" ؟

وصلتُ إلى هناك في عام 1985 في قسم الترجمة. اليوم العديد يتجاهلون العمل المطبوع، وهو كالمدرسة الضرورية! على أي حال، الصحافة هي قلم، وهي ورقة، الآن هي جهاز كمبيوتر، ولكن الكتابة لا تزال ضرورية وخصوصا أنه لدينا ثنائية اللغة – الأبخازية والروسية.

هذه السنوات الخمس في صحيفة "أبسني" – بكل تأكيد لم تكن مضيعةً الوقت. ثم عملت في قسم الرسائل في وزارة الصناعة والنقل، والتي كان يرأسها خوتا دجوبوا– الممثل العظيم، والصحفي الكبير، وكان من دواعي سروري الجلوس معه في نفس المكتب. كان هناك أيضاً شاليكوا كامكيا، الذي ترأس قسم الرياضة، وتمكنت أيضاً من العمل مع غيورغي جاناا، الذي في سنوات دراستي في المدرسة كان يقوم بالرد على رسائلي في مكتب المحرر. وقد تم استقبالي بحرارة شديدة، وفي الوقت نفسه، بدأ العمل في مكتب التحرير صديقي إنفير أردجينيا (في الوقت الحاضر صحفي أبخازي معروف –اضافة المحرر)، وبعده بوقت قليل حضر داور إينابشبا (في الوقت الحاضر صحفي أبخازي معروف –اضافة المحرر). عندما وقعت أحداث عام 1989 (المواجهة المفتوحة بين الأبخاز والجورجيين في الشوارع و ساحات سوخوم –اضافة المحرر)، كنا يافعين، ونشطين جدا، وفي كل عَدَد قدمنا مواد عن جميع الأحداث التي وقعت آنذاك.

ذلك الوقت حضرتم الى التلفزيون؟

نعم، ذلك الوقت بدأ يتسلط علينا الضوء. وعندما قرر رئيس تحرير التلفزيون الأبخازي فلاديمير زانتاريا الاستقالة، ولكن رئيس اللجنة الحكومية للتلفزيون والإذاعة شاميل خوسّينوفيتش بيليا اشترط عليه بأنه لن يسمح له بالإستقالة حتى يقوم بإحضار ثلاثتنا إلى التلفزيون. ترددنا لوقت طويل. لم أكن بشكل عام بالمزاج المناسب لذلك، كما أني لم أتعلم مهارات العمل في التلفزيون، ولكن في يوم واحد ثلاثتنا –داور إينابشبا، إنفير أردجينيا وأنا – كتبنا طلب الاستقالة من الصحيفة وتحولنا إلى التلفزيون، ما كان ضربة كبيرة بالنسبة لرئيس تحرير الصحيفة سيرغي كفيتسينا. كان ذلك في شباط عام 1990. وهناك كان يعمل زوراب أرغون، غارّي دبار، أوتار لاكربا، ومن ثم انضممنا نحن لهم. بعد أسبوع، ذهب فلاديمير زانتاريا للعمل في اتحاد الكتاب، وبقينا بدون محرر. وفي 9 نيسان عام 1990، نظم شاميل خوسّينوفيتش بيليا انتخابات لمنصب رئيس تحرير التلفزيون الأبخازي. وهكذا تم اختياري.

كنت رئيس تحرير التلفزيون الأبخازي منذ تلك الفترة وخلال الحرب الوطنية 1992-1993، وما بعدها. كيف تقيّمون عمل العاملين في التلفزيوني في ذلك الوقت؟

أنا فخور أنني كنت في هذا المكان قبل وأثناء الحرب. ولم نكن لنتمكن من أن نصبح صحفيين محترمين في ذلك الوقت، لو لم يكن هناك مثل هذا الفريق الموحد. والفريق الفني برئاسة ليونيد آغربا، داور كورسايا، داور كيوت، فبشكل عام التلفزيون هو أولا وقبل كل شيء القاعدة التقنية. ونحن، الشباب من نفس العمر، نكمِّل بعضنا بعضا تماما. عمِلنا وأبدعنا معاً، وانتظرنا أن يبدأ البث، ولم يعد أحد إلى المنزل حتى إنتهاء البث. رأينا أن الأحداث الخطيرة التي تجري في المجتمع، والشيء الأكثر أهمية بالنسبة لنا هو أن نكون لائقين بهذه الأحداث، وأن نغطيها بشكل وافر، بحيث يفهم الناس ما يحدث.

على سبيل المثال، في اليوم الأول من الحرب، التي ما زلت أتذكر كل دقيقة منها، مهمتنا الأكثر أهمية كانت ألا نفوِّت أي حدث مهم، وأن نتمكن من نقلها في الوقت المناسب. وكان لعامل التلفزيون دور كبير، لأنه كان المصدر الوحيد للمعلومات. وفي وقت لاحق، عندما الجبهة الشرقية كانت تواجه ظروفاً صعبة، الناس تذكروا أن هناك راديو، وقاموا بالبحث عن أجهزة الراديو بكل الوسائل، وهكذا حتى نهاية الحرب، أصبح الراديو المصدر الرئيسي للمعلومات.

لم يكن لدينا أي ذُعر، لم يكن هناك مسألة ترددنا بنقلها. واصلنا العمل بالطريقة المعتادة، ولكن قمنا بتصوير الحرب وليس الأحداث العادية والسياسية. القدرات التقنية لم تكن كافية، كان لدينا فقط كاميرتان، لكن الإمكانية الإبداعية كانت هائلة-فقط خمس مجموعات تصوير، جاهزة للتناوب مع بعضها البعض. وكنا نبث على الهواء كل يوم.

لقد فهمنا تماما ما كنا نفعله، وشاهدنا كل يوم نتائج عملنا. ولكن من ناحية أخرى، كانت هذه مسؤولية ضخمة. وكانت خصوصية تغطية الأعمال القتالية أمرٌ معقد لدرجة أنه يستحيل تعلمها نظريا ومسبقاً. تماما كما أصبح رجالنا أبطالاً في ساحة المعركة، صحافينا و فرق التصوير أتقنوا خصائص التصوير في ظروف الحرب. ما إذا كان من الممكن التقاط الصورة بشكل شامل، وفي الوقت نفسه عدم كشف مواقع القتال أو إحداثيات تواجد معداتنا العسكرية، هنا كل هذه الدقة... فنحن في النهاية لم نتعلم هذا. لقد تعلمناه كل يوم من خلال ارتكاب الأخطاء التي كانت أيضاً موجودة.

على سبيل المثال، في يوم المأساة الرهيبة في 14 ديسمبر (في ذلك اليوم الجورجيين أسقطوا فوق مرتفعات قرية لاتا طائرة هليكوبتر على متنها نساء وأطفال كانوا متوجهين من تكورتشال إلى غوداوتا –اضافة المحرر) كان من الضروري نقل ما حدث، ومن أجل السعي وراء المعلومات، وجدنا الأشخاص الذين كانوا في ذلك الحين محلقين من تكورتشال على متن الهليكوبتر الثانية، وتم تصوير هؤلاء الناس على الفيديو. وهكذا بطلنا، الذي قمنا بإجراء مقابلة معه، كان يرتدي الزي العسكري، على الرغم من أنه وفقا للمعلومات المقدمة، المروحية لم تكن عسكرية، ولكن تحمل "المدنيين فقط". لقد كان علينا الإنتباه لزيه العسكري، ولكننا غَفِلنا عن تلك النقطة.

وكان مكتب تحرير التلفزيون الأبخازي هو المنظمة الوحيدة في أبخازيا التي تم إجلاؤها وفقا لقوانين الحرب. في ثلاثة أيام أخلينا تماما مدينة سوخوم متوجهين إلى غودوتا، وخلال أربعة أيام أنشأنا قاعدة هناك، وكل هذا دون انقطاع في البث، كان فقط هناك يوم واحد وهو في 17 أغسطس لم نتمكن فيه من البث، وكان هذا اليوم الوحيد بدون بثنا لا يطاق بالنسبة للجمهور، لأنهم تُرِكوا دون فهم الأحداث في ظروف الحرب.

وإذا أوجزنا كل هذا، يمكننا أن نقول إن المثقفين الوطنيين قد نظروا إلى الجذور ذاتها عندما أثاروا مسألة إنشاء التلفزيون الوطني. فلا أعرف كيف كانت الأحداث ستتكشف، وكيف كان مصيرنا سيتطور، في عام 1992 في الحرب بدون تلفزيون.

اليوم أشعر بالقلق حول حالة الأرشيف التي قمنا بتجميعة في مثل هذه الظروف الصعبة. فإذا فقدنا مقطعاً واحد، فسوف نكون مذنبين بحق التاريخ، وأعتقد أنه من المهم جدا أن رقمنة الأرشيف ونقلها إلى أرشيف الدولة، بحيث يتم تخزينها في أماكن مختلفة لأغراض أمنية. ويتعين على الدولة وقيادة هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية إتخاذ قرار عملي وتمويل هذه الأعمال حتى لا يُفقد مقطع واحد من "الصندوق الذهبي" للمحفوظات العسكرية.

 روسلان مكانوفيتش، بوصفكم صحفيا مرافقاً لأول رئيس لأبخازيا في رحلته إلى تبليسي في آب/أغسطس عام 1997، حيث قدمتم تقريرا من موقع الحدث. أريدكم أن تخبروني ما حدث وراء الكواليس

أنا لم أعمل في ذلك الوقت في التلفزيون الأبخازي، كنت قد غادرت في عام 1994 وبدأت بإنشاء مركز صحفي تابع للقناة الروسية ORT (الآن القناة الأولى –اضافة المحرر) في أبخازيا، ثم أصبحت لاحقا مراسلاً خاصاً لقناة NTV في أبخازيا، وفي ذلك الوقت دُعيت من قبل فلاديسلاف غريغوريفيتش آردزينبا. الذي أخبرني أن هناك مشروع، لرحلة عمل، ويريدني أن أذهب معه. بصراحة، أتيحت لي الفرصة في كثير من الأحيان للتواصل مع فلاديسلاف غريغوريفيتش، بدايةً في شهر آب عام 1990، عندما سجلت أول مقابلة له عندما كان نائبا في مجلس السوفيات الأعلى للاتحاد السوفياتي. ومنذ ذلك الوقت، خلال فترة الحرب وما بعدها، رافقته في جميع الرحلات الهامة، بما في ذلك الإجتماع الشهير في 3 سبتمبر عام 1992 في موسكو (المفاوضات بين فلاديسلاف آردزينبا وبوريس يلتسين وادوارد شيفاردنادزه –اضافة المحرر).

كانت بيننا علاقة ودية وثقة متبادلة، لذا عندما طلب مني الذهاب معه مرة أخرى، وافقت بلا تردد، ولكن مع تردد بسيط قمت بسؤاله، عما إذا كنا ذاهبين إلى تبليسي. فقد كنت قد سمعت بالفعل بعض الشائعات حول هذه الرحلة، والشخص الذي أخبرني هذا، أكدَّ لي أنه سيكون من الأفضل إقناع الرئيس بعد الذهاب. أخبرت كل هذا لآردزينبا نفسه، ولكن فلاديسلاف غريغوريفيتش أخبرني بالتفصيل أن هذه المبادرة قُدِّمت من وزير خارجية روسيا يفغيني بريماكوف، وتحدث عن الطريق، الذي كان مدهشا أيضا. لقد كان بريماكوف في سوتشي، ووصلت الطائرة الحكومية من مطار أدلر، وهبطت في مطار غودوتا العسكري لتقِل من هناك الوفد الأبخازي برئاسة آردزينبا. وكان بإمكانه أن يطلب من فلاديسلاف غريغوريفيتش أن يأتي إلى أدلر ويطير من هناك إلى تبليسي، ولكنه فضَّل أن ييبادر بمثل هذه اللفتة المحترمة.

في تبليسي، لم يعلم بوصول آردزينبا سوى عدد محدود من الأشخاص. وصلنا إلى المطار. كنتُ أول من نزل من على سلم مع المصور ميزان لوميا، ومن ثم حماية الرئيس، وعندما شاهد مراسلو تبليسي بريماكوف ومعه آردزينبا، لم يتمكنوا من تصديق ما يحدث. لقد انتظرا بريماكوف فقط، وبالتالي أصيبوا بالدهشة. وأثناء ذهابنا مع الصحفيين الجورجيين من المطار إلى مقر إقامة رئيس جورجيا، كانوا قد علموا بالفعل أن آردزينبا قد وصل، سألوني عدة مرات غير مصدقين، عما إذا كان هو فعلا، وعن إمكانية حدوث ذلك.

أولا، عقد الاجتماع الأول لوفود الطرفين بحضور بريماكوف، ثم دار نقاش طويل مغلق بين آردزينبا وشفاردنادزه. وعندما توجهوا لمقابلة الصحفيين، كان هناك جمع غفير من المراسلين والمصورين. وقال شيفارنادزه إن المفاوضات قد طالت وسوف تستأنف في اليوم التالي. أتذكر أنني صدمت من إمكانية حدوث هذا، لماذا يتوجب على آردزينبا البقاء هناك؟ لم تكن لدينا أي معلومات مسبقة عن ذلك، كما لم تكن لدى لفلاديسلاف غريغوريفيتش، لقد جرى كل شيئ حسب سير المفاوضات.

أعود إلى تلك الأحداث وأسأل نفسي لماذا قام بهذه الرحلة، أفكر: هل ذهب إلى هناك لأنه لم يكن لديه سلطة تذكر؟ أو أن التقييم للصورة التي إحتاج أن يحافظ عليها كان منخفضاً؟ لا، بالتأكيد لا! ففي عام 1997، كانت جميع هذه المؤشرات على أعلى مستوى.

وأنا أدرك تماما أن فلاديسلاف غريغوريفيتش كان قلقا للغاية حول الوضع الداخلي في البلاد — كانت السنة الرابعة من الحصار، حتى في أثناء الحرب كان الوضع أسهل من هذا. فالرجال لا يستطيعون مغادرة أبخازيا، والاقتصاد في تدهور رهيب، ومن الصعب جدا على المجتمع الأبخازي أن يعيش في هذا التوتر. و "فلاديسلاف غريغوريفيتش" كان يبحث عن طرق "لتوجيه"، كيفية تخفيف الحصار دون التخلي عن المواقف السياسية. وأبدى مرونة سياسية، وقدم مبادرات، ووافق على بعض المقترحات، على أمل أن يتغير أيضا نظام الحدود وأن تعيش الجمهورية في نهاية المطاف حياة اقتصادية حقيقية. ولكنه في الوقت نفسه لم يخنع قط بشأن الهدف الرئيسي ولم يتجاوز الخط الأحمر.

- انت مدير أول محطة تلفزيونية خاصة في أبخازيا "أباظة - تي في". كيف تقيمون تطور القناة من السنوات الأولى من العمل وحتى يومنا هذا؟

- بدون كبرياء زائفة، يمكنني القول أنه عندما بدأ بثنا في 26 يونيو 2007، راودتني نفس المشاعر التي شعرت بها عندما قدمت تقريري الأول. لقد حاول الكثيرون منعنا، والهم لدى الجميع كان، أنه من المستحيل إنشاء قناة تلفزيونية خاصة في ظروف أبخازيا انذاك. عندما وجهت هذا الاقتراح إلى رجل الأعمال بيسلان بوتبا، لم أكن على معرفة جيدة به شخصيًا. الشيء الوحيد الذي سألني هو: هل هناك إمكانية لإنشاء قناة كاملة - الكوادر والفنيون و التقنيون؟  بالنسبة لي كان من الضروري عندئذٍ إنشاء هذه القناة من كوادر أبخازية، دون استدعاء أحد من الخارج. اذ سمحت لنا الامكانية المالية لبسلان بوتبا واتصالاتي العملية والمهنية امكانية دعوة صحفيين ذوي خبرة عالية، لكننا لم نفعل ذلك. ونحن الآن على الهواء نبث كل يوم على ما يقرب من 12 عامًا، ويمثل بثنا جزءًا مهمًا في مجال الاخبارية في أبخازيا. إن اوقفنا بث "اباظة - تي في" اليوم، فسيكون الوضع بمثابة حالة طوارئ وظاهرة غير مالوفة، وسيسأل الناس عما حدث. هذا هو أكبر نجاح بالنسبة لي.

لدي مبدئ قدمه لي شامل حسينوفيتش بيلا القاه على شاشة التلفزيون الأبخازي في عام 1990: "البث هي حرية مطلقة، البث هو ما أقوم به الآن ودون رقابة من فوق ". نجاح قناتنا آنذاك واليوم يكمن في هذا المبدئ. اكرر هذا كل يوم على مسامع فريقي وعلى كل موظف جديد. اليوم، 95 في المائة من موظفينا هم أشخاص قدم الواحد منهم تقريره الأول على شاشة قناة أباظة التلفزيونية. فخلال12 عامًا، قمنا بتغيير ثلاثة فرق، ولكن النواة لا تزال موجودة وابوابنا مفتوحة للجميع. كان معظم الذين أتوا إلينا، كما يقولون، "من الشارع"، بدون شهادات صحفية، والآن أصبح لديهم تصنيف جيد ولهم معجبيهم على الهواء. ويحصل كل منهم في عمله على نفس المستوى من الحرية الذي تلقيته ذات مرة من شاميل حسينوفيتش.

اتصالاتنا عادة تتم في الصباح في الاجتماع التخطيطي اليومي، ثم يقوم الصحفيون بتغطية الأحداث والكتابة والمونتاج والبث على الهواء كما يرونه مناسبا بأنفسهم. أنا أتواجد فقط عندما يتصلون بي للمساعدة في فرز بعض المسائل الدقيقة، وهناك صعوبات. فعندما يعتقد اي صحفي أن المديرأو المحرر سينظر في امر تقريره ويصححه، ويعتبرنفسه مسؤولاً عن مواده، فسوف يصبح متواكلا.

يجب أن يفهم الصحفي أنه لا يمكنني رؤية الحدث كما يراه هو، لأنني لم أكن هناك. لهذا السبب أعتقد أن الحرية الداخلية لأي صحفي هي الإنجاز الرئيسي لـ «اباظة - تي في» ، لكنها مرتبطة مباشرة بمسؤولية الصحفي. إذا فقد الصحفي فجأة اليوم إحساسًا بالمسؤولية عما يفعله، فليس من المجدي له الظهور فيما بعد في مكتب التحرير، فهذه هي سلطة قناتنا. نحن لا نبني سياسة البث لصالح أي مزاج سياسي - الحكومة أو المعارضة. الحقيقة هي الاساس.