تحدث المصارعون والمدربون المحترفون لبوابة معلومات المؤتمر العالمي لشعب الأباظة عن كيفية تطّور المصارعة الحرة في أبخازيا اليوم، وعن مشاكل هذه الرياضة وآفاقها، وكذلك عن التجربة الرياضية الشخصية.

سعيد بارغانجيا

لطالما كانت المصارعة الحرة في أبخازيا إحدى الرياضات المفضلة، وتعد من بين الرياضات الأكثر شعبية مثل كرة القدم والكاراتيه أو الملاكمة. واليوم لا تزال صالات المصارعة مزدحمة: فالمصارعون يبدؤون التدريب منذ الطفولة، والآباء على استعداد لوضع أطفالهم بين أيدي المدربين المتمرسين الموجدين في البلاد، وعددهم لحسن الحظ، ليس بضئيل.

كما أن هناك صعوبات محددة وآفاق لا يمكن إنكارها في المصارعة الأبخازية، ويقوم العنصر الرئيسي على الرغبة الكبيرة للمحترفين ومدربيهم في النمو والتطور والتعليم والتعلم لكي يكونوا أقوى في الجسد والروح.

"أبي ، أريد أن أكون مثل دينيس تسارغوش"

أولمبياد لندن عام 2012: كل أبخازيا تشجع إبن الوطن المصارع الشاب من غوداوتا دينيس تسارغوش. في مباراة نصف النهائي. المشاعر تتصاعد. وفي نهاية المطاف دينيس يخسر أمام المنافس ، ولكن يصبح الفائز بالجائزة البرونزية في الألعاب الأولمبية لعام-2012.

ومنذ ذلك الحين أصبح اسم المصارع الشاب من غوداوتا لامعاً، ويردد الأولاد في جميع مدن أبخازيا كلمات "أبي أريد أن أكون مثل دينيس تسارغوش!" مع تزايد الحماس للتسجيل في صالة الألعاب الرياضية لممارسة المصارعة الحرة، التي اكتسبت حياة جديدة في صدر كل أبخازي.

ليست مجرد "حالة"، بل هدف وطريق     

هذه قصة عن احد الأولاد الذين بدأوا المصارعة في وقت أبكر من هذه الأحداث، ولد آخرا تسفيجبا في سوخوم، ولطالما كان الفتى ذو بنية جسدية صلبة وقوية، بالإضافة الى تميّزه خفة الحركة، "الرياضة" إذا جاز التعبير كانت في دمه. والطريق لها قد رسمها منذ سنواته الأولى: حيث كان يمارس الألعاب البهلوانية و الكاراتيه، لكن عائلته وأصدقائه نصحوه بشكل متكرر بأنه ينبغي عليه أن يصبح مصارعا، وهذا ما حدث.

اليوم يبلغ آخرا من العمر 24 عاما، وفي خلفيته خبرة كبيرة في المصارعة والتدريب، لقد كانت قصة تدريبه مختلفة، حيث تدرب المصارع في الفريق الاحتياطي الاولمبي في موسكو، وذات مرة، كما يحدث غالبا – أصيب بحادثة سيئة، فتوقفت حياته المهنية. لكن تبين أن "الحادث" عاد عليه بالفائدة: فقد فُتح للرياضي طريقاً جديداً لخدمة العديد من الناس، إذ ظل آخرا تسفيجبا مخلصا لعمله المفضل وبدأ بتدريب الأطفال، وهو الأن مدرب منذ خمس سنوات.

وهكذا يشارك تسفيجبا صيغة النجاح بالمصارعة: "لكي أن تصبح رياضيا متميزا، الموهبة لوحدها ليست كافية، تحتاج الى قوة الإرادة، كما تحتاج إلى العمل بجد مع التركيز على النتيجة".

مستوى المصارعة في أبخازيا جيد، وهي غنية بالعديد من المواهب     

لقد اشار المدرب بأنه توقف عن عد الأطفال الذين استطاع تدريبهم طوال ذلك الوقت، الآن في مجموعته يتدرب حوالي  25 طفلا ، أصغرهم بعمر الخمس سنوات، و الأكبر بعمر15 عاما.

ويضيف تسفيجبا قائلاً: "نحن نتدرب بشكل يومي عدا عطل نهاية الأسبوع، ومستوى المصارعة جيد جدا في بلادنا وهناك الكثير من المواهب. ويقدم رئيس المجلس الأعلى للمؤتمر العالمي لشعب الأباظة موسى إيكزيكوف مساعدة نشطة، فمثلاً، جزء من رواتب جميع المدربين في الجمهورية يُصرف بفضل رعايته، كما انه يساعدنا في المعدّات".

كما تحدث تسفيجبا عن آفاق المصارعة الحرة في أبخازيا، مؤكداً أنه يوجد في الجمهورية العديد من الرياضيين الموهوبين، والدؤوبين والثابتين، وهناك أيضا أشخاص مهتمين بين الجيل الأكبر من المدربين، الذين يقدمون المساعدة النشطة والدعم.

وأضاف تسفيجبا: "لدينا عدة صالات للمصارعة في سوخوم، والعديد من الأطفال، هذه كل الشروط الجيدة للمصارعة، إلا أن أي رياضي يحتاج للذهاب إلى معسكر التدريب، وإلى المنافسة، فقط في هذه الحالة يمكن أن نتوقع نتائج عالية منهم، غير أن ذلك كثيرا ما يرتبط بالصعوبات المالية".

غوداوتا -" مصنع المصارعين"  

حقيقة أن الرياضيين يجب أن يؤخذوا إلى معسكرات التدريب والمسابقات، لكي ينموا مهنيا، يؤدها كذلك زميل تسفيجبا آدم تسفييبا، وهو مدرب من غوداوتا يتمتع بخبرة تبلغ 8 سنوات.

وأكد تسفيبا: "إن التدريب فقط في الصالة الرياضية والمنافسات ضمن أبخازيا لن تسمح لنا أن نتوقع نتائج عالية من رياضيينا".

بدأ آدم المصارعة في سن السابعة، و "انشغف" بها بشكل حرفي، وعلى الرغم من ظروف التدريب التي لم تكن جيدة بما فيها الكفاية، إلا أنه يعد اليوم الفائز بالعديد من البطولات الدولية، ويتذكر بابتسامة أول منافسة جادة له: "كنت في الخامسة عشر من عمري. جرت حينها بطولة روسيا الاتحادية في بيرم، وكانت تلك كانت المرة الأولى التي نتنافس فيها على هذا المستوى العالي. لم أستطع الفوز في هذه البطولة، ولكني حصلت على تجربة كبيرة".

أول انتصار حقيقي له في مهنة المصارعة كان في بطولة "ميدفيجونوك، الدب الصغير" (البطولة الدولية للشباب في المصارعة الحرة المسماة تكريما للبطل الاولمبي لثلاث مرات الكسندر ميدفيد.)، حيث حصل على المركز الأول عام 2009.

 يطلق المدرب على منطقته غوداوتا، اسم "مصنع المصارعين": ففي غضون عام وعلى مستوى مقاطعة غودوتا، نُظم ثماني مسابقات مختلفة. تسفييبا أشار بأن المساعد الرئيسي في تطوير أسلوب المصارعة الأبخازية وبشكل مجاني هي اللجنة الرياضية في مدينة غوداوتا التابعة للاتحاد المصارعة الحرة في أبخازيا، ووزارة التعليم في الجمهورية، بالإضافة الى رئيس المجلس الأعلى للمؤتمر العالمي لشعب الأباظة.

الانتصار في الرياضة، والحياة   

آدم يدرب في مجموعته 20 طفلا، تتراوح أعمارهم من 5 إلى 13 عاما، ويقوم بتدريبهم بشكل يومي.

وفي حديث حول ذلك، قال تسفيبا: "هناك أطفال موهوبون جدا في مجموعتي، وإن لم يكن عدد كبير، ممن يمكنهم تحقيق نتائج عالية في المستقبل".

وتابع المدرب: "حتى إن لم يصبح الولد بطلا أولمبيا أو رياضيا مشهورا، فإن ممارسة الرياضة منذ الطفولة لن تدعه "يفسد" ويضيع في الشارع".

وأكد ذلك بقوله: "إن الرياضة لا تعد الطفل بدنيا فحسب، بل تشكل أيضا طريقة تفكيره".

ويعود تاريخ المصارعة الحرة في أبخازيا لسنوات عديدة، وأحييت هذه الرياضة لأول مرة بعد الحرب الوطنية لشعب أبخازيا في الجمهورية، حيث تم البدء بفتح صالات المصارعة مرة أخرى، وبدأ الأطفال بالتدريب من جديد، بالرغم من الظروف السيئة ونقص  الدعم المادي. ففي نهاية المطاف، المصارعة الحرة في أبخازيا وبالطريقة الأبخازية هي دائما تربية الروح المعنوية واكتساب الثقة بالفوز في الألعاب الرياضية وفي الحياة.