المؤتمر العالمي للشعب الأبخازي - الأباظة

29 مارس، 2024
02:53
تراث إيواكيم ألويزي في سوخوم
يصادف هذا العام مرور 165 عاماً على مولد رجل الصناعة، ومُنتج الحرير، والمُحسِن إيواكيم ألويزي، الذي بنى في بداية القرن العشرين عدة مباني فاخرة في سوخوم. أحدها محفوظ حتى الآن ويعتبر نصبا تاريخيا وثقافيا لتراث جمهورية أبخازيا.
تردد على مسامع أهالي سكان مدينة سوخوم إسم العائلة ألويزي، وذلك لتواجد فيلا ألويزي في المدينة، كما يتذكر العديد من الناس مسرح ألويزي، ولكن لا يعرف الجميع الشخص الذي كان وراء كل هذا.

ولد الصناعي، ومُنتج الحرير، وعضو إتحاد التجار الأوائل، المُحسن إيواكيم ميخالوفيتش ألويزي في مدينة كييف الأوكرانية في العام 1854، وقد كان مواطناً فرنسياً ومتمسكاً بالكنيسة الكاثوليكية الرومانية. غير أن ألويزي اعتبر نفسه يونانياً، بل وأصبح جزءاً مما يسمى بمجتمع سوخوم الهيليني (اليوناني)، الذي كان متواجداً في سوخوم في بداية القرن العشرين.
انتقل إيواكيم ألويزي مع أسرته – زوجته نينا يفسيّفنا سولخانوفا وإبنيهما ميخائيل وغيورغي-للعيش في سوخوم في العام 1901. في البداية لم يكن لديهم مسكن خاص بهم في المدينة، ولكن سرعان ما أصبح التاجر ألويزي مالك لمشاريع بناء أجمل المباني في سوخوم.

في نفس العام 1901 اشترى ألويزي قطعة أرض على الشاطئ، على الكورنيش ميخائيلوفسكي البحري (الآن كورنيش مخادجيروف (المهاجرين) –اضافة المحرر) وقام ببناء مبنيين، ضما "جانا أفضل صالون حلاقة" ومطعم "بيرجا". وفي وقت لاحق، في عام 1911، بالقرب من صالون الحلاقة قام ألويزي ببناء معمل مؤلَف من طابقين للحلويات "هولندا".

ولكن لم تحفظ هذه المباني حتى يومنا هذا: فقد تم هدم صالون الحلاقة والمطعم أثناء بناء فندق "سان-ريمو" في العام 1914 (الآن فندق "ريتسا" –اضافة المحرر)، وبعد ذلك، في أوائل الستينيات، تم هدم بناء معمل الحلويات.
بانوراما من سوخوم في أوائل القرن العشرين© أرشيف أنزور أغومآ
وتجدر الإشارة إلى أن طابع مدينة سوخوم قد تكون بهذه الطريقة بالذات، فقد تألفت من المباني- المنازل، والمنازل الريفية والفيلات، التي بنيت هنا من قبل الأغنياء والمثقفين المشهورين.
بعد المخطط الرئيسي الأول الفاشل إلى حد كبير (أنه ببساطة لم يكن هناك أي مخطط ذي مغزى لحركة المرور، أو قرار إداري مركزي للمدينة،والخ.)، ظهرت ملامح المدينة "وأنقذت" من قبل المطورين، ومن بينهم كان هناك العديد من رجال الأعمال اليونانيين الأوربيين، وكذلك المثقفين الروس من (الأطباء والصحفيين والمحامين و المحاربين و المدنيين). فبنيت في المدينة فيلات فاخرة على نمط الفن الحديث ومرافق للتسوق".
أنزور أغومآ، " سوخوم القديمة"
وفي العام 1901، إشترى التاجر ألويزي من أرملة نائب رئيس منطقة سوخوم العقيد دي سيمون بقيمة 35 ألف روبل منزل من طابقين عند زاوية شارعي زافادسكايا و بارياتينسكايا (الآن شارعَي غوليا و شاتلاندسكايا –اضافة المحرر). الذي تم بناءه في عام 1896. وكان موقعه في حد ذاته مفيداً جداً، لأنه أعطى رؤية ممتازة للمدينة وخليج سوخوم. في عام 1904، طلب ألويزي إعادة بناء المنزل من قبل واحد من أشهر المهندسين المعماريين في ذلك الوقت والذي كان يعمل في المدينة – ألكسندر سينيتسين.
"في عام 1900، انتقل المهندس المعماري ألكسندر سينيتسين للعيش في سوخوم، وهو خريج من مدرسة موسكو التقنية للسكك الحديدية، الذي كان يعمل في مختلف المقاطعات. وعمل بصفة خاصة في مجلس مقاطعة تامبوف في "شركة نوبل التجارية " و "جمعية باكو للنفط".
غيورغي بارونين، مقالة "من الذاكرة" من كتاب "الروس في أبخازيا"
مشروع الكسندر سينيتسين لإعادة الإعمار حوَّل منزل العقيد دي سيمون الى فيلا ألويزي– ذات بناء الفاخر، والتي تضمنت العديد من الأساليب والاتجاهات المعمارية: فكانت رومانسية حديثة مع عناصر النهضة القوطية، وانتقادات مغربيّة و ستايل شبه روسي. القباب، النوافذ المُقنطرة، الديكور الوفير، والأسود على الأعمدة، كما تواجدت النافورة في الفناء الداخلي، نطاق وموقع الفيلا قد جذب انتباه الآخرين بشكلٍ مستمر.
"القبة التي تتوج المبنى تخلق في البداية انطباعاً خادعاً لبناءٍ عام، ولكن بعد التمعن تصل إلى استنتاج أن البناء هو ملكية خاصة. تحت القبة توجد ساحة للمشاهدة. فتحات النوافذ على شكل الأسهم، والأقواس المعمارية ذات الطابع الشرقي، والأبراج مع القبب تتخذ شكل الخوذة، والحواف المزخرفة، وأشكال الحيوانات المصنوعة من الجص، الطراز المعماري وطابع القلعة وحجمها تُحفز الخيال. ربما صورة الحيوانات لها بعض المعنى، وربما هي حتى مقدسة. وكل ذلك كان على خلفية النباتات الجنوبية الخصبة".
غيورغي بارونين، مقالة "من الذاكرة" من كتاب "الروس في أبخازيا"
هنا ذات مرة عاش التاجر ألويزي مع العائلة. تم بناء منزل صغير للخدم بجانب الفيلا. و لشقيقات زوجته — ماريا وداريا سولخانوف –قام الرجل الغني ببناء منزلين منفصلين على بعد مسافة قريبة (الآن المنزل رقم 6 والمنزل رقم 8 في شارع لاسوريا –اضافة المحرر). ومن الجدير بذكره أن إيواكيم ألويزي كان يعمل في الأعمال الخيرية، ويساعد المحتاجين. لذا وعلى نفتقته الخاصة تم بناء ملجئ ليلي في المدينة.
وقد وضع التاجر ألويزي، الذي يمتلك هذه الفيلا الفاخرة، هدفا أكثر طموحاً: وهو بناء مسرح وفندق خاص به على البحر.
بدأ التاجر الثري المعروف بسوخوم، إيواكيم ألويزي ببناء مُجمَّع الفندق "غراند-أوتيل"، ومسرح ألويزي، ودار السينما "أوليمبيا" على زاوية شارع أولغينسكايا و كورنيش ميخائيلوفسكايا البحري في عام 1907. وتم الإشراف على الأعمال من قبل المهندس المعماري الشهير ومهندس الديكور ساركيسوفا.
وبحلول العام 1912، تم الانتهاء من البناء. حيث تضمن فندق "غراند -أوتيل" المؤلف من ثلاثة طوابق ومن 35 غرفة مريحة، ليبلغ قدر استئجار الغرفة روبل و 50 كوبيك، وثمانية شرفات، اثنان منها ذات واجهة بحرية. كما كان يوجد في الفندق مطعم من الدرجة الأولى، ومرآب للسيارات، وكازينو ومحلين تجاريين. وبحلول العام 1925، أعيدت تسمية فندق "غراند -أوتيل" بفندق "المنتجع"، وفي وقت لاحق من عام 1927 –الى فندق "بيزيب".
أنزور أغومآ "سوخوم القديمة"
مسرح ألويزي كان في نفس المكان الحالي مسرح سامسون تشانبا الدرامي الحكومي الأبخازي. تم تصميمه ليتسع 670 مقعداً، مقابل المسرح يوجد متنزه مع ساحة للركمجة. فندق "غراند-أوتيل"، ومسرح ألويزي، ودار السينما "أوليمبيا" كانت مترابطة لتُشكل مجمع موحد على زاوية شارع أولغينسكايا و كورنيش ميخائيلوفسكايا (الآن شارع بوشكين و كورنيش موخادجيروف (المهاجرين) – اضافة المحرر). في عام 1921، بعد تأسيس السلطة السوفياتية في أبخازيا، مسرح ألويزي تحول إلى أول مسرح حكومي في أبخازيا السوفياتية.
ولم يتم الحفاظ على هيئة مبنيي "غراند-أوتيل" ومسرح ألويزي: فقد دمرهما حريق وقع في عام 1949. ونحن فقط نعرف من الصور القديمة الموجودة، عن هيئتهما السابقة. فبعد حريق في 1949-1952، أعيد بناء المباني، مما غير تماماً النمط المعماري. فالفندق لم يعد له وجود: فقد أدرج ضمن المسرح الجديد الذي أعيد بناؤه. الآن مسرح سامسون تشانبا الدرامي الأبخازي.
خلال تأسيس السلطة السوفياتية، التاجر ألويزي، مثل العديد من الأثرياء، خسر ممتلكاته، المباني الرائعة والفيلات التي بنيت من نفقته الشخصية. ولم تكن الفيلا الفاخرة استثناءاً. فقد أصبحت بلدية ومن ثم تحولت إلى منزل مقسم إلى شقق كبيرة. عاش ألويزي وزوجته في واحدة من هذه الشقق حتى وفاته في عام 1925. بالمناسبة، أحد سكان الفيلا من 1925 إلى 1937 كان أيضا شخصية عامة معروفة، وهو الكاتب المسرحي سامسون تشانبا.
ومن المعروف أن كلا من أبناء ألويزي –غيورغي وميخائيل –بعد تخرجهما من معهد سوخوم الحقيقي، التحقا بمعهد وارسو للفنون التطبيقية. ولم يعد ايٍ منهم الى سوخوم. وبعد وفاة الزوجين ألويزي في فيلتهما السابقة، عاشت أخوات نينا يفسيّفنا — داريا، وماريا، وإيلينا لفترة طويلة، جنباً إلى جنب مع المقيمين الآخرين.
قد لحق ضرر كبير بالمبنى الرائع لفيلا ألويزي خلال الحرب الوطنية لشعب أبخازيا في الفترة 1992-1993. ودمر بشكلٍ سيء و انهار أمام أعين سكان المدينة. لكن في الآونة الأخيرة، وعلى مدى عدة سنوات، ترعى فيلا ألويزي أيدٍ خاصة، وهي تمر الآن بأعمال الترميم. ووفقاً لتقارير وسائط الإعلام، فإن أصحاب المبنى يَعِدون بأن هذا النصب المعماري – الفيلا مدرجة في السجل الرسمي للآثار المعمارية للمدينة –سيعود إلى مظهره الأصلي وسيستمر بإرضاء مواطني وضيوف سوخوم بروعته وجماله السابقين.

كاتب النص – آريفا كاببا، محرر-اول نالا أفيدزبا، محرر – أولغا سولداتينكوفا، رئيس التحرير- أمينا لازبا.