الطبيب الأبازيني المعروف والمواطن الفخري لمدينة تشيركيسك أليكسي خورانوف توفي قبل بضعة أشهر فقط قبل أن يتم الذكرى التسعين من عمره، في عيد ميلاده في 5 ديسمبر، نشر الموقع الإلكتروني للمؤتمر العالمي لشعب الأباظة مقالا عنه.

غيورغي تشياكالوف

في 5 من كانون الأول أول طبيب أبازيني مرخص أليكسي أداموفيتش يورانوف، كان سيصبح عمره 90 عاما بعد مرور ستة أشهر فقط، لكن الحياته كانت كافية لترك علامة جيدة في قلوب كل من عبر طريقه. 

من بين الإنجازات والألقاب خورانوف – الدكتور المكرم من الاتحاد الروسي، الطبيب الشعبي في قرشاي – تشركيسيا، مجتهد وزارة الصحة في الإتحاد السوفيتي - جزء كبير من أنشطته المهنية كانت في سنوات الإتحاد السوفييتي. أليكسي أداموفيتش هو أيضا مواطن فخري في مدينة تشيركيسك.

موطنين

أليكسي خورانوف ولد في قرية ستارو-كوفينسكي في المقاطعة الحكم الذاتي الشركسية، ولكن كطفل وجد نفسه في أبخازيا، حيث أن عائلته غادرت خوفا من الاضطهاد من السلطات، وقد ترعرع في قرية (دوريبش)

 هنا تحديداً حيث حلم بأن يصبح طبيبا باعترافه، اليكسي أداموفيتش، ما الهمه على هذا الخيار إلى حد كبير هو شعبية الأطباء الذين عملوا في محافظة غوداوتا (زفيريف، لينتروب، أوريديا)،و في المشفى الجراحي الحكومي(شيرفاشيدزي، كاسباريان، شيختمان، بيتروف). 

لعب حدثٌ واحد في دوريبش دور عاطفي معين في اختياره المهنة. ذات يوم تم إرسال جار خورنوف إلى المستوصف من أجل المساعدة الطبية والتي أرسلت قبل يوم إلى القرية، لكن المسعف لم يستطع الحضور: لقد كان ثملا ببساطة و توفي الجار في الصباح.

فأشار أليكسي أداموفيتش إلى ذلك قائلا: "في بيت الرجل الميت يبكي الناس، ولا أستطيع أن أهدأ لأنه لم تتم مساعدة المريض. ربما كان الوقت قد تأخر لإنقاذه. لكن على المسعف أن يفعل كل ما في طاقته". 
عاد أليكس خورانوف لوطنه الأول في عام 1951، شاب محترف. وطوال حياته كان يحمل في قلبه حبه لوطنه الأول، الذي كرس له كتاب "مايَا كوفا"، ولدوريبش، الذي نشأ فيها، ولكل أبخازيا.

طريق صعب للحلم

احلم جيدا، الحلم يستحق العمل الشاق، والطالب أليكسي كورانوف يعرف ذلك بشكل جيد، في عام 1944، بعد أن نجح في جميع الامتحانات القبول في معهد كراسنادار الطبي، اضطر إلى إعطاء مكانه بالمعهد للجنود المسرحين من الجبهة والذين أيضا قرروا دخول المجال الطبي: كان لديهم فوائد للقبول.

ويبدو أن المحاولة الثانية في عام 1945 كانت ناجحة-"ثلاثة خمسات" و "أربعة" ضمنت النجاح في إكمال المنافسة. لكن..... "جئنا لرؤية قائمة تقديم الطلبات، وبدلا من ذلك على أبواب المعهد – كان الإعلان عن نقل المعهد إلى كيشينيوف، وطلب من جميع مقدمي الطلبات سحب وثائقهم"، تذكر أليكسي أداموفيتش.

يا لها من خيبة أمل! وبعد العودة إلى الديار، يكتب الشاب اليائس رسالة إلى اللجنة المركزية التابعة لوحدة الشرطة المركزية في وزارة التعليم العالي. و-أوه، معجزة! – يتلقى الرد على كلتا الرسالتين. وفي واحدة طٌلب منه أن يختار دراسة أي معهد طبي في شمال القوقاز، وأرسلته الآخرى إلى محج قلعة، وقد  قرر الذهاب للعنوان المحدد. 

لذا في نوفمبر 1945، وجد أليكسي نفسه في معهد داغستان الطبي، حيث تم تسجيله قبل 1 يناير، وسد الفجوة من المجموعة، التي كانت قد بدأت الدراسة منذ الشهرين الماضيين. الأعباء كانت جدية، ساءت حالته الصحية، والجديد المبتدئ كان لا بد أن يأخذ إجازة صحية. فقط في سبتمبر 1946 بدأ حياته الطلابية الكاملة. 

وفي صيف عام 1951 حصل على الدبلوم الذي طال انتظاره، ومع ذلك-اتجاه للعمل في منطقة الحكم الذاتي الشركسية..

مباشرةً – كرئيس أطباء

أليكسي خورانوف توقع أن يعمل في تشيركس كجراح لكن وزارة الصحة الإقليمية هناك، كما يقولون، نوعهم الخاص، تم إرسال الأخصائي الشاب إلى مقاطعته المحلية كوفا. 

لذا جاء إلى قرية أرساكون. حسب إحالة-مركز المقاطعة، في الواقع كانت قرية سوفيتية عادية في منتصف القرن العشرين: لا طرق، لا نقل، لا كهرباء. و متناسبة مع المستشفى : لا مختبر، لا آلة أشعة سينية، لا أخصائيين. وأدى هذا الظرف الأخير إلى تعيين أليكسي خورانوف ككبير أطباء المستشفى في غضون شهر ونصف بعد وصوله. احتجاجات الأخصائي نفسه، لمدة ستة أشهر كحد أقصى ليتم نقله إلى العمل في شركيسك، لم يستمع لها أحد.

لكن أليكسي لم يستسلم لليأس. "رفع أكمامه" وبدأ بالعمل أولا وقبل كل شيء، قام بتدريب اثنين من مساعدي المختبرات ونظم تحاليل بسيطة في المستشفى. ثم جهز غرفة الأشعة السينية وقد أدى هذان التدبيران إلى زيادة كبيرة في كفاءة العمل التشخيصي. وسهل للعديد من المرضى من الاضطرار إلى الذهاب إلى المركز الإقليمي للمسائل الطفيفة. و بعد فترة ليست ببعيدة، كانت هناك سيارة إسعاف أيضا.

وعلاوة على ذلك، تم توسيع المستشفى، وإنشاء قسم الجراحة، وتحسين ظروف بقاء المرضى... المقاطعة الشركسية و إدارة الصحة الإقليمية دعت الأطباء في ستافروبول إلى عقد حلقات دراسية في إرساكون ليتعلموا من مثال كوفينتسيف كيفية إنشاء أعمال تشخيصية ووقائية وطبية.

خمس سنوات ونصف في إرسكين كانت فترة من التكوين المهني للطبيب أليكسي خورانوفا. وبالإضافة إلى أن العمل اليومي للأطباء ارتفع إلى مستوى جديد، أظهر الأطباء في بعض الحالات بطولات حقيقية في العمل، حيث أنقذوا المرضى الذين يبدو أنه ميؤوس منهم بالفعل.

"مرة و في وقت الحصاد في مزرعة كيروف الجماعية كان هناك حالة طارئة، يتحدث أليكسي أداموفيتش. - أثناء تعبئة الشاحنة، انفجر خزان البنزين. ملابس السائق اشتعلت فيها النيران، عندما أحضر ألينا كان 75% من جلد جسمه مغطى بحروق من الدرجة الثانية، كانت هناك مناطق صغيرة مع الحروق من الدرجة الثالثة.

جميع طاقم المستشفى عملوا لإنقاذ الشخص، وقال الطبيب الإستشاري، الذي دعي من مستشفى المقاطعة، "المعجزات لا تحدث". لكن المعجزة حدثت وقد نجا السائق- المدوعو يورى،وما زال يتذكر بامتنان المنقذين".

الإنسان يلون المكان

وكان التعيين الثاني لأليكسي أداموفيتش غير متوقع حتى أكثر من التعيين الأول: فقد عرض عليه رئاسة وزارة الصحة الإقليمية. وبشكل أدق، أوصي بترشيحه لهذا المنصب، وهو لا يستطيع إلا أن يوافق على ذلك. حدث ذلك في مارس 1957. كان أليكس خورانوف في 28 من عمره. 

قبل بضعة أشهر، منطقة التشركس ذات الحكم الذاتي تحولت إلى قراتشاي-تشركيس، وبدأ القرتشاي في العودة إلى وطنهم (خلال الحرب العالمية الثانية في عام 1943 تم ترحيلهم إلى كازاخستان وآسيا الوسطى في عام 1957 إعادة التوطين). ومن الضروري في الوقت ذاته تنظيم العمل المتعلق باستقبال سكان القراتشاي. وكان مستوى الأمراض المعدية مرتفعا، و متتالي، حيث عاد الأشخاص من المناطق المحرومة من الناحية الوبائية في البلد. هذه المشكلة كان لا بد أن تحل. وكان لا بد من إنشاء بعض الخدمات في الميدان من الصفر، وكان لا بد من توسيع الخدمات القائمة وإعادة تجهيزها.

وباختصار، هناك العديد من التحديات، مقارنة بالإمكانيات المحدودة جدا. ومع ذلك، أحرز تقدم كبير في جميع المجالات. وعلى مدى تسع سنوات من عما خورانوف، تم تشغيل 17 مرفقا صحيا، وأقيمت عشرات دور للحضانة، و إنشاء سبع خدمات جديدة. تم القضاء على الأمرض الوبائية :الدفتيريا وشلل الأطفال، التراخوما، الحمى المالطية، و شوهد انخفاض كبير في مستوى الوفيات لدى الأطفال و كذلك من الأمراض كمرض السل، التهاب الكبد والالتهابات المعوية. وزاد عدد الأطباء بمقدار 120 شخصا.

ويعوق حل العديد من المشاكل، الصعوبات الذاتية، أي الخلافات مع القيادة الحزبية آنذاك في المنطقة بشأن بعض المسائل الأساسية. كان أليكسي أداموفيتش قادرا على الدفاع عن وجهة نظره، بناءاًعلى مصالح سكان المنطقة، ولكن للضرورات كان عليه أن يغادر.

ومع ذلك، فإن تجربة ومعرفة خورانوف لا يمكن أن تظل غير مطلوبة. عرض عليه أن يترأس مستوصف مدينة تشيركيس وبحلول ذلك الوقت، كان قد نقل المستوصف بالفعل إلى مبنى قياسي جديد، صمم لـإستقبال 400 شخص في اليوم. تمكن أليكسي أداموفيتش من إقناع سلطات المدينة بالحاجة إلى حل أهم المشاكل التي تتطلب موارد مادية كبيرة. وتم شراء معدات طبية حديثة، و توظيف أطباء في كافة الإختصاصات.

ثم قام (خورانوف) بتنظيم أمور العمل جميع الأقسام، بدءا من السجل. لقد تبدد الطابور وقد استخدم الوقت المخصص لاستقبال المرضى بكفاءة أكبر. وقد فازت المواقف اليقظة والودية تجاه المرضى بنهج رسمي إزاء رعاية المرضى. إرشاد الشباب المتخصصين، كبير الأطباء يحب أن يكرر كلمات رائعة من الطبيب النفسي الروسي فلاديمير بيختيريف:"لو أن المريض بعد محادثة مع الطبيب لم يتحسن – أنه إذا ليس الطبيب".

قاد أليكس كورانوف العيادة لمدة 36 عاما. على مر السنين، أصبحت حلقة وصل رائدة حقا في صحة المدينة. في ذلك-ميزة كبيرة من كبير الأطباء والكادر الذي ترأسه.

قلب مضطرب

ولم يقتصر الإهتمام بالناس بالنسبة لأليكسي أداموفيتش على رعايتهم الصحية أثناء أداء الواجبات الطبية. روحه المتعاطفة لم تعطه الراحة إذا كان الشخص الذي بجانبه بحاجة للمساعدة، وهذا لا ينطبق على الأفراد فحسب، بل ينطبق أيضا على الجماعات والجمعيات والشعوب. وكان نائبا لعدة دورات في المجلس الإقليمي لنواب الشعب في كاراشاي-تشيركس، والجمعية الشعبية (البرلمان) لجمهورية كاراشاي-تشيركس، وعضو بمجلس الدوما لمدينة تشيركيس. خورانوف كان واحدا من أولئك الذين لم يكن مجرد عضو في البرلمان،ولكن إستخدم صلاحياته: في العهد السوفياتي –لتنفيذ أوامر الناخبين و في ما بعد الاتحاد السوفياتي لحل القضايا الهامة التي تواجه النائب. 

أليكسي أداموفيتش خورانوف وقف في أصول الحركة الاجتماعية الوطنية الأبازينية، كان واحدا من الشخصيات النشطة في المنظمة العامة "أدغيلارا" ("الوحدة"، الآن – تنظيم" أباظة".)، في سنة صعبة على كل من قراتشاي-تشيركيسيا 1999 (ثم خلال انتخابات رئيس الجمهورية كان هناك خطورة المواجهة بين شعوب الجمهورية.) ترأس ذلك.

خلال الحرب الوطنية لشعب أبخازيا في 1992-1993 اليكسي خورانوف قام بدور نشط في تنظيم جمع وإرسال المساعدات الإنسانية من قراتشاي-تشيركيسيا إلى أبخازيا.و بعد استقلال أبخازيا، دعي إلى جميع الأحداث الهامة، على الرغم من أنه في سن الشيخوخة، قام بزيارتهم، معتبرا أن هذا من واجبه. وتمتع أليكسي أداموفيتش باحترام كبير بين قادة جمهورية أبخازيا وبين الناشطين العامين.

الذاكرة

أليكسي أداموفيتش خورانوف عاش حياة طويلة و مليئة بالعديد من الأعمال. في سن الشيخوخة، عشية عيد ميلاده الـ85، قرر تقديم حياته على الورق ونشر كتاب " ليس من السهل أن تكون طبيبا."يتناول هذا الكتاب أنشطة أول خريج لطبيب أبازيني الأصل، الذي أعطى لمهنته 50 عاما، وتاريخ تطوير الرعاية الصحية في جمهورية كاراشاي-تشيركيس. وسجل المنشور أسماء العديد ممن ساهموا إسهاما كبيرا في هذه العملية. ومن بينهم، بالطبع، صاحب الكتاب نفسه. 

وخلاصة السنوات الماضية، كتب: "أنا سعيد بالحياة. خياري لم يكن عبثا".

توفي أليكسي أداموفيتش في 17 يوليو 2018.و ذهب إلى العالم الآخر بضمير مرتاح وروح نقية.