احتفلت رابطة الجالية الأبخازية في موسكو بمناسبة اليوبيل الستين على تأسيسها.

عقد في موسكو لقاء للاحتفال باليوبيل الستين لتأسيس رابطة الجالية الابخازية في موسكو في 25 مارس/اذار، البدايات كانت في مطلع القرن التاسع عشر، ولكن وجودها الفعلي على الارض ابتداء من العام 1958

"الأمسيات الأبخازية" كما يسمونها في موسكو اثبتت جدارتها، فهي ناجحة بمضمونها وتلقى قبولا لدى الجمهور. هذا الشكل من اللقاءات يجمع المغتربين في جو مريح، وفي نفس الوقت يعزز التعارف والتواصل وتبادل المعلومات والأفكاربشكل رسمي، ولقاء اليوم في ذكرى اليوبيل الستين لم يكن استثنائيا، بل امرا سنويا اعتياديا.

وافتتح هذا اللقاء رسميا السيد تاراس شامبا -الرجل الاول في تاريخ الشتات، المؤسس الاول لرابطة المغتربين الابخاز في موسكو افتتاح هذا اللقاء.

"الرئيس الشعبي لأبخازيا" -هكذا وبشكل غير رسمي كانوا يسمون تاراس شامبا في وطنه - حضر شامبا اللقاء وهو محملا بالهدايا، لم يات بأيد فارغة.

وقال تاراس شامبا: "كنت مهتما جدا للقاء اليوم – ثم قدم إلى الرئيس الحالي للرابطة بيسلان أغربا ميدالية تحمل اسم "افضل قيادي"، وتمنى له العيش بشكل جيد وكرامة".

تذكر شامبا السنوات الأولى من عمل الرابطة، حيث حاول ممثلوه بالفعل عدم تضييع أي شيء و "ان لا تذهب مساعيهم سدى"، ودعم القدرات التي لها علاقة بالشعب.

يقول تاراس شامبا: "عندما كنت طالبا، قيل لي أن نيستور لاكوبا في أوائل العشرينات من القرن العشرين، استطاع جمع ابناء جلدته في موسكو، و.يومها فكرت: وما المانع من انشاء مثل هذه المنظمة؟ وهذه كانت نقطة البداية".

وكما هو معلوم، فاجتماعات مارس يدعى اليها عادة المواطنون الابخاز واصدقاء أبخازيا من مختلف البلدان والسياسيين والشخصيات الثقافية في روسيا والخارج. ففي هذا العام، فان راع الاحتفال في الرابطة بيسلان آغربا دعي رئيس المجلس الأعلى للمؤتمر العالمي لشعب الاباظة السيد موسى اكزيكوف.

أكد تاراس شامبا على أهمية عمل المنظمة، فضلا عن أهمية العمل مع اهلنا الاباظة في الشتات، والمقيمون في 54 بلدا في جميع أنحاء العالم.

"الأبازين والأبخاز هم جناحان لشعب واحد، ويجب علينا أن نكون معاً. الهدف – هو توحيد الشعب وأن يصبح بلدنا حرا ومستقلا. سلمنا العصا لموسى اكزيكوف" - هكذا وصف شامبا الموقف ومنح موسى اكزيكوف ميدالية "اغلى انسان".

وشكر إكزيكوف بدوره جميع الحاضرين، وتمنى المزيد من الازدهار، معربا عن ثقته في أن الجالية في موسكو "ستحقق نجاحا هائلا".

وشارك في الاجتماع مع موسى إكزيكوف، رئيس اتحاد المراكز الثقافية الأبخازية في تركيا، أتانور أكوسبا. وقد اعتمد ممثلي الجالية الأبخازية بيانا مشتركا، أعربوا فيه عن استعدادهم لبذل الجهود المشتركة لتطوير وازدهار أبخازيا. ودعوا جميع ممثلي الشتات الأبخازي الى الوحدة من أجل مزيد من الانتصارات في مجالات الاقتصاد والثقافة والرياضة والسياسة.

ووفقًا للتقاليد المتبعة في لقاءات الرابطة، فإن الموسيقيين والفنانين من عداد المغتربين، يؤدون عروضهم الفنية. وفي هذا العام، كان الجمهور محظوظاً لسماع الأوبرا للفنانة الشهيرة هيبلا غيرزمافا -نجمة على مستو عالمي. الفنانة وبكل سرور تشارك دائما في فعاليات الشتات. ومما زاد اللقاء بهجة كان عروض الفنانون أوديسي أجينجال وسعيدة أغربا وتمارا فورونوفا والراقصين الشباب من فرقة "أمتسابز"، الذين كسبوا شهرة بفضل جهود الجالية في الشتات

ومن بين ضيوف الشرف الذين شاركوا الرابطة في اللقاء، حضر من أبخازيا فيتالي غابنيا - نائب رئيس جمهورية أبخازيا، وبدوره رحب بضيوف الاحتفال وهنأ المغتربين باسم رئيس أبخازيا راؤول خاجيمبا.

الأفكار المتحدة

فريق اليوم - طاقة فعالة من شانها ان تحافظ بشكل حسن على الوجه الحضاري للشتات الأبخازي من جهة، وعلى أبخازيا ككل من جهة ثانية.

واليوم، يقوم الشتات بتطوير العديد من المشاريع التي تشمل ليس فقط أعضاء الجالية الأبخازية في موسكو، بل ويشاركهم أيضًا مواطنون من أبخازيا.

لذا، وعلى سبيل المثال، برنامج المسابقة الفكرية "ماذا؟ إلى أين؟ متى؟" ذهبت المشاركة الى خارج الرابطة، والآن تشارك بنشاط فرق من أبخازيا، ووصلت موسكو بدعم وتمويل من الرابطة.

كل عام والجالية الابخازية في موسكو تشارك في احتفالات يوم النصر في الحرب الوطنية العظمى في ابخازيا 1992-1993.

أصبحت اللقاءات مع طلاب السنة الأولى الجدد، الذين قدموا للدراسة من أبخازيا الى موسكو، لقاءات تقليدية، هذه اللقاءات ضرورية لتوضيحها للشباب: فهم ليسوا وحدهم في هذه العاصمة الكبيرة، ويمكنهم الاعتماد على الدعم الكامل من قبل رابطة المغتربين.

يشارك الابخاز المغتربين في الحملة السنوية "الفوج الخالد": جموع المشاركين يحملون بفخر صور المواطنين الأبخاز الابطال - الذين شاركوا في الحرب الوطنية العظمى 1941-1945 على موقع الرابطة على شبكة الانترنت رابط باسم "كتاب الشهداء"، و يتضمن أسماء أبطال الحرب الوطنية العظمى 1941-1945. وكذلك ابطال حرب التحرير الشعبية في الحرب الوطنية في أبخازيا في الفترة 1992-1993. ويساعد اهلنا في الشتات بشكل مستمرالجمعيات الخيرية الأبخازية، مثل "أشانا" و "كيراز" وغيرها.

وهناك مشروع كبير لتمويل برنامج اقتصادي جديد باسم "25 خطوة نحو تطوير أبخازيا حتى عام 2025"، وقد تم تطوير البرنامج من قبل الشركة الإستراتيجية لمجموعة الشركاء الإستراتيجيين وتم تقديمه في يونيو 2018 في أبخازيا. وشاركت قيادة الجالية الأبخازية في موسكو بدور نشط في تطوير البرنامج جنبا إلى جنب مع المتخصصين، كما يساهم الشتات في قضية تطوير استراتيجية وطنية بهدف تسريع عملية الانتقال إلى تنفيذ مهام التنمية الاقتصادية لأبخازيا.

من تاريخ الرابطة

منذ عدة عقود، وكما هو الحال اليوم، ظهرت الجالية الأبخازية في الشتات وكان العدد الاكبر في روسيا ومستقرا في مدينتي موسكو وسانت بطرسبرغ. في العشرينات والثلاثينيات من القرن العشرين، والسبب ان موسكو عاصمة الاتحاد السوفييتي السابق، كانت المنطقة الأكثر نشاطًا وحيوية من أبخازيا.

ومن المعروف أن السكرتير الأول للحزب الشيوعي في جمهورية ابخازيا ذات الحكم الذاتي كان انذاك الزعيم الأسطوري للشعب الأبخازي نيستور لاكوبا، اثناء زياراته المتكررة إلى موسكو، جمع أبناء الجالية الابخازية وبحث معهم مشاكلهم وحاول مساعدتهم في حل المشاكل المختلفة. اللقاءات كانت رسمية وغير رسمية. اما في ما يسمى "الأمسيات الأبخازية"، فقد كان نيستور يدعوا أصدقائه من اهل سكان العاصمة موسكوالى هذه الامسيات. ولا يمكن ان ننسى الامسية التي غنت فيها المغنية المشهورة، صديقة الزعيم نيستور لاكوبا، لوبوف اورلوفا.

في ذلك الوقت و بمبادرة من نيستور لاكوبا، تم منح الاشخاص ذو الاصول الأبخازية مقاعد في الجامعات، وتم تدريب أكثر من 150 طالبًا في جامعات مختلفة في العاصمة.

في تلك السنوات، ولدت أول رابطة أبخازية غير رسمية في موسكو، كان مقدرا لها البقاء على قيد الحياة في اشد الفترات التاريخية فظاعة، تميزت بقتل لاكوبا وقمع جماعي لأفراد الجالية في الشتات، وثبت مرة أخرى أن فكرة الحكم الذاتي الوطني والاستقلال التي كانت دائما تعيش في قلوب الأبخاز، بادت بعيدة المنال.

في الخمسينات من القرن العشرين، اعيد إحياء عملية تخصيص الحصص في التعليم الجامعي للمغتربين من أبخازيا، ونتيجة لذلك، ظهرت رابطة الطلاب الابخاز من جديد. في عملية إحياء الرابطة، برز تاراس ميرونوفيتش شامبا -الشخصية الاجتماعية السياسية الأبخازية الروسية، أول رئيس للجمعية العالمية الأبخازية -الأبازينية، وما يعرف الان بالمؤتمر العالمي لشعب الأباظة، إذ تم اختيار 4 مارس كموعد ثابت في لقاءات الرابطة الأبخازية.

ووفقا لمذكرات تاراس شامبا- في تلك السنوات، تلقى تاراس شامبا دعما من قبل ممثلي الشعب الأبخازي مثل فاطمة أشخاروا وسفيتلانا شامبا وغاري كانجاريا و فلاديمير خيشبا.

تعاظم وجود الطلاب تدريجيا، وبالتالي تجددت لأنشطة في الرابطة، وبالتالي، ووفقا لذكريات تاراس شامبا، ففي أواخر الخمسينات وبعد التحاق شامبا بمعهد موسكو للآداب، كانت اللقاءات تجري في المسكن الطلابي التابع لكلية الاداب، وكان من بينهم كتاب المستقبل عرفوا فيما بعد امثال اليكسي غوغوا وفلاديمير انقواب.

و في وقت لاحق تم استبدالهم، وقدم من بعدهم جيل الطلاب كامثال موشيني لاسوريا و جمعة آخوبا.

ويعتقد أنه في عام 1958 بدأت فعليا نشاطات الرابطة الأبخازية في موسكو، و لم تتوقف عن العمل منذ ذلك الحين على الرغم من أن اسمها قد تبدل مرارا.

وهكذا، ففي ديسمبر كانون الاول عام 1989، برزت في موسكو جمعية الثقافة الابخازية "نارتا"، و تراسها ايغورآخبا - السفير فوق العادة ومفوض أبخازيا في روسيا، اما نائبه فكان يوري انتشابادزه. ومن بين مؤسسي الرابطة كان تاراس شامبا والمخرجة نيللي اشبا والكاتب فاضل اسكندر، وكذلك من أصدقاء أبخازيا بيللا أخمادولينا و أندريه بيتوف و ريما كازاكوفا وبوريس ميسيرير.

للرابطة نشاطات عديدة، ابتداء من مطبوعات "ألاشارا" وانتهاء بنشاط افتتاحها مدرسة لتعليم اللغة الأبخازية والأدب في موسكو، المديرة والمعلمة التي اشرفت على ذلك كانت ايرينا باساريا.

لكن شيئا واحدا لم يتغير: الا وهي فكرة الرغبة في الحكم الذاتي، فقد كانت تقلق باستمرار عقول الأبخاز، ولا سيما أعضاء الرابطة في موسكو. إن المهمة الرئيسية لجمعية "نارتا" هي الترويج الدعائي خارج الوطن الام. أصبح هذا النشاط جزءً من الصراع الكبير الذي قادته أبخازيا في ذلك الوقت بقيادة الرئيس الأول فلاديسلاف أردزينبا.

إن العمل الجيد المنسق و المنظم للمغتربين الأبخاز في موسكو خلال سنوات الحرب الوطنية لشعب أبخازيا في الفترة 1992-1993م، كان عونا كبيرا لأبخازيا في زمن الصراع. فقد كان العمل قائم على مدار الساعة: وأعضاء الشتات كانوا يجمعون المال ويرسلون الأسلحة والمنتجات الغذائية الى الوطن، استقبال اللاجئين واسعاف المصابين إلى المستشفيات، وخوض الحرب الاعلامية. اذ تحول منزل الشخصية المعروفة والكاتب غيورغي غوليا الى مسرح للمحادثات السرية واللقاءات جمعت قادة السلطات الروسية مع فلاديسلاف اردزينبا.

لعبت الحرب دورا موحدا في حياة الرابطة، وجعل الشتات أقرب ما يمكن الى وطنهم الام.

في عام 2011، تم تسجيل المنظمة الإقليمية العامة بشكل قانوني تحت اسم "رابطة الجالية الابخازية في موسكو"، وترأس المنظمة رجل الأعمال والشخصية المرموقة بسلان أغربا.

بوهكذا بدأت الرؤية الجديدة في حياة الجالية في الشتات. وبفضل القيادة الحكيمة من قبل الاعضاء من ذوي الخبرة العالية، فالشباب اليوم في الشتات، وبوجود التقدم التكنولوجي، أعطتهم المزيد من الفرص لتطوير العلاقات مع وطنهم الام، وكذلك توسيع رقعة التعاون المتبادل مع مواطنيهم اينما كانوا في مختلف المجالات.